٢ ـ عبادة معبودات من دون الله : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) أي أفطن أو اعتقد الذين كفروا بي ، واتخذوا أولياء أي معبودات من دوني كالملائكة والمسيح والشياطين أن ذلك ينفعهم ، أو يدفع عنهم العذاب؟ كلا ، لا تنفعهم تلك المعبودات ، وسيظهر لهم خطؤهم ، كما قال تعالى : (كَلَّا ، سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ ، وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم ١٩ / ٨٢] لذا أخبر تعالى عن عذابهم قائلا :
(إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) أي إنا أعددنا وهيأنا لهؤلاء الكافرين بالله جهنم يوم القيامة منزلا ينزلون به ، كما يعدّ النزل للضيف ، بسبب اتخاذهم أولياء (أي معبودين) من دوني ، وهذا تهكم بهم ، وتخطئة لحساباتهم.
٣ ـ الجهل والغباء : (قُلْ : هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) أي قل لهم يا محمد : هل نخبركم أيها الناس بأشد الناس خسرانا لأعمالهم وخطأ في حسابهم؟ هم الذين ضلوا في الحياة ، فعملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مرضية مقبولة ، وأتعبوا أنفسهم فيما لا نفع فيه ، فهلكوا وضيعوا ثمار أعمالهم ، وهم قوم مخدوعون بما هم عليه ، يظنون أنهم محسنون في ذلك العمل ، منتفعون بآثاره ، مقبولون محبوبون. والآية توبيخ شديد لهم ، مفادها الموجز : قل لهؤلاء الكفرة الذين عبدوا غيري : يخيب سعيهم وآمالهم غدا ، فهم الأخسرون أعمالا.
وسبب خسارة أعمالهم هو ما قال الله تعالى :
(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ ، فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ، فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) أي إن أولئك الأخسرين أعمالا هم الذين جحدوا آيات الله في الدنيا ، وبراهينه التكوينية والتنزيلية الدالة على توحيده ، وكفروا وكذبوا بالبعث والحساب ولقاء الله وما بعده من أمور الآخرة ، فحبطت وبطلت أعمالهم