٢ ـ تورط فرعون بعد أن أرسل فريقا من عسكره وراء بني إسرائيل في البحر ، فلما لم يغرقوا ، أمر جنوده بالمسيرة بقيادته ، فتبعهم ليلحقهم مع جنوده ، فأطبق عليهم البحر ، ولم ينج أحد.
٣ ـ كان فرعون شؤما على نفسه وعلى قومه ، فإنه أضلهم عن الرشد ، وما هداهم إلى خير ولا نجاة ؛ لأنه قدر أن موسى عليهالسلام ومن معه لا يفوتونه ؛ لأن بين أيديهم البحر.
فلما ضرب موسى البحر بعصاه انفلق منه اثنا عشر طريقا ، وكان الماء بين الطرق قائما كالجبال ، كما قال تعالى : (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [الشعراء ٢٦ / ٦٣] أي الجبل الكبير ، فأخذ كل سبط من أسباط بني إسرائيل طريقا.
وأوحى الله إلى أطواد الماء بالتشبك ، فصارت شبكات يرى بعضهم بعضا ، ويسمع بعضهم كلام بعض ، فكان هذا من أعظم المعجزات ، وأكبر الآيات. فلما أقبل فرعون ، ورأى الطرق في البحر ، والماء قائما ، أوهمهم أن البحر فعل هذا لهيبته ، فدخل هو وأصحابه ، فانطبق البحر عليهم. وهذا كله يحتاج إلى الإيمان بقدرة الله.
٤ ـ أنعم الله على بني إسرائيل بنعم كثيرة ، ذكر منها هنا ثلاثا ، وهي الإنجاء من آل فرعون ، والمواعدة : إتيان جانب الطور ، وإنزال المن والسلوى في التيه.
٥ ـ إن النعم تقتضي الحفظ والشكر ، فقد يسر الله لهم الأكل من طيبات الرزق الحلال ولذيذه الذي لا شبهة فيه ، فما عليهم إلا حفظ النعمة ، فلا يؤخذ منها أكثر من الحاجة ، وشكرها ، فلا تؤدي إلى السرف والبطر والمعصية ، وهذا هو الطغيان ، أي التجاوز إلى ما لا يجوز.