وكيفية تطهير النعلين من النجاسة على التفصيل الآتي : إن تحقق فيهما نجاسة مجمعا على تنجيسها كالدم والعذرة (الغائط) من بول بني آدم لم يطهرها إلا الغسل بالماء عند مالك والشافعي وأكثر العلماء ، وإن كانت النجاسة مختلفا فيها كبول الدواب وأرواثها الرطبة ، فيطهرها المسح بالتراب عند الأوزاعي وأبي ثور ، وقال أبو حنيفة : يزيل النجاسة اليابسة الحك والفرك ، ولا يزيل الرطبة إلا الغسل ، أما البول فلا يجزئ فيه إلا الغسل. وعند المالكية قولان ، أرجحهما أن المسح يطهر ، وقال الشافعي : لا يطهر شيئا من ذلك كله إلا الماء.
٥ ـ حسن الاستماع واجب مطلوب في الأمور المهمة ، وأهمها الوحي المنزل من عند الله. وقد مدح الله من يحسن استماع كلام الله ، فقال : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ، فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ، أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ) [الزمر ٣٩ / ١٨] وذم من يعرض عن الاستماع فقال : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) الآية [الإسراء ١٧ / ٤٧] فمدح المنصت لاستماع كلام الله مع حضور العقل ، وأمر عباده بذلك أدبا لهم ، فقال : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ، فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ، لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف ٧ / ٢٠٤] وقال هاهنا : (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) لأن بذلك ينال الفهم عن الله تعالى.
قال وهب بن منبه : من أدب الاستماع : سكون الجوارح وغض البصر ، والإصغاء بالسمع ، وحضور العقل ، والعزم على العمل ، وذلك هو الاستماع كما يحب الله تعالى ، وهو أن يكف العبد جوارحه ، ولا يشغلها ، فيشتغل قلبه عما يسمع ، ويغض طرفه ، فلا يلهو قلبه بما يرى ، ويحصر عقله ، فلا يحدث نفسه بشيء سوى ما يستمع إليه ، ويعزم على أن يفهم فيعمل بما يفهم.
٦ ـ اشتمل أول الوحي على موسى على أصلين في العقيدة وهما الإقرار بتوحيد الله ، والإيمان بالساعة (القيامة) وعلى أهم فريضة بعد الإيمان وهي الصلاة.