رِسالَتَهُ) [الأنعام ٦ / ١٢٤] وقال تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ، فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [البقرة ٢ / ٢١٣] إلى غير ذلك من الآيات.
وقال القرطبي : وعلى الجملة فقد حصل العلم القطعي ، واليقين الضروري ، وإجماع السلف والخلف على أن لا طريق لمعرفة أحكام الله تعالى التي هي راجعة إلى أمره ونهيه ، ولا يعرف شيء منها إلا من جهة الرسل ، فمن قال : إن هناك طريقا آخر يعرف بها أمره ونهيه غير الرسل بحيث يستغني عن الرسل فهو كافر ، يقتل ولا يستتاب ، ولا يحتاج معه إلى سؤال ولا جواب. ثم هو قول بإثبات أنبياء بعد نبينا عليه الصلاة والسلام ؛ الذي قد جعله الله خاتم أنبيائه ورسله ، فلا نبي بعده ولا رسول. وبيان ذلك : أن من قال : يأخذ عن قلبه ، وأن ما يقع فيه هو حكم الله تعالى ، وأنه يعمل بمقتضاه ، وأنه لا يحتاج مع ذلك إلى كتاب ولا سنة ، فقد أثبت لنفسه خاصة النبوة ، فإن هذا نحو مما قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام : «إن روح القدس نفث في روعي» (١).
١٤ ـ لهذه القصة فوائد أدبية رفيعة مجملها : أن يكون المرء متواضعا غير معجب بعلمه ، وأن يلتزم بعهده ، فلا ينقضه ويعترض على ما لم يعرف سره ، وألا يتعجل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بطلب إنزال العقوبة بالمشركين الذين كذبوه وأنكروا رسالته واستهزءوا به وبكتابه ، فهم معاقبون هالكون في الدنيا والآخرة.
وتتكرر حوادث القصة مع مرور الزمان ، فلا يعترض الإنسان على موت غلام صغير ، فقد يكون موته خيرا له ولوالديه ، كما أن وقائع الموت المتكررة رحمة بالمجتمع ، فلو لم يمت كبار السن وغيرهم لضاقت الأرض بالمواليد المتجددة يوميا. وخرق السفينة يذكرنا بتسلط الظلمة على أموال الضعفاء ، وهدم الجدار وإقامته لون من ألوان توفير الثروة المنتظرة ليتيم أو ضعيف من الإله الرحيم
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١١ / ٤٠ ـ ٤١. والرّوع : القلب أو العقل. والحديث رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة ، وهو ضعيف.