قَبْلِكَ ، فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ، فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [النحل ١٦ / ٦٣].
وبالرغم من هذا الأدب في الدعوة إلى التوحيد مع البراهين والأدلة الدالة على بطلان عبادة الأوثان ، أجابه أبوه بما هو غير مأمول منه ، فقال تعالى :
(قالَ : أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ؟ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) أجاب أبو إبراهيم ولده إبراهيم فيما دعاه إليه قائلا : أمعرض أنت عن تلك الأصنام ومنصرف إلى غيرها؟ وإن كنت لا تريد عبادتها ولا ترضاها ، فامتنع عن سبها وشتمها وعيبها ، فإنك إن لم تنته عن ذلك لأرجمنك بالحجارة أو لأشتمنك ، وفارقني زمنا طويلا.
ويلاحظ أن الأب قابل ابنه بالعنف ، فلم يقل له : يا بني ، كما قال الابن له : يا أبت ، وقابل وعظه الرقيق بالتهديد والوعيد بالشتم أو بالضرب بالحجارة ، وفي ذلك تسلية للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم عما يلقاه من أذى قومه ، وغلظة عمه أبي لهب ، وفظاظة أبي جهل.
ومع كل هذا أجابه إبراهيم باللطف قائلا :
(قالَ : سَلامٌ عَلَيْكَ ، سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ، إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) أي قال إبراهيم لأبيه : سلام عليك سلام توديع وترك لا سلام تحية ، فلا ينالك مني مكروه ولا أذى ، لحرمة الأبوة ، وكما قال تعالى في صفة المؤمنين : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا : سَلاماً) [الفرقان ٢٥ / ٦٣] وقال سبحانه : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ، وَقالُوا : لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ ، لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص ٢٨ / ٥٥].
ولكن سأطلب لك من الله أن يهديك ويغفر لك ، بأن يوفقك للإيمان ، ويرشدك للخير ، إن ربي كان بي لطيفا كثير البرّ ، يجيبني إذا دعوته. ونظير