وفى الحديث : (إذا أكلتم فدَنُّوا) (٢٣). أى : كلوا ممّا يليكم.
وسُمّيت الدّنيا لدنوّها ، وقيل : بل للدَّناءة التى فيها.
ولله دَرٌّ شيخنا العلّامة ما أفقهه فى الدّنيا وتباغض أهلها وتحاسدهم.
وذلك قوله :
كذا دُنياكَ تَرْأبُ لانصداعٍ |
|
مُغالطة وتُبنَى للخرابِ |
ويَعلق مُشمئزُّ النَّفس عنها |
|
فلمّا عِفْتُها أغريتُها بِي |
عَرفتُ عُقوقها فسلوتُ عنها |
|
بأسبابٍ تَعُوقُ عن اضطرابِ |
بُلِيْتُ بعالِم يعلو أذاه |
|
سوى صبري ، ويَسفل عن عِتابي (٢٤) |
وللشيخ فى ذم الدنيا وأهلها ، ما هو حقيق بالتّسجيل لأهل البصائر والاعتبار ، كقوله :
جَوّلتُ فى هذه الدّنيا وزخرفها |
|
عينى ، فألفيتُ دارا ما بها إرمُ |
كجِيفة دَوَّدَتْ فالدّود منشؤه |
|
فيها ، ومنها له الأرزاءُ والطّعمُ |
سيّان عندىَ إنْ بَرُّوا وإنْ فَجروا |
|
فليس يجرى على أمثالهم قَلَمُ |
ليسوا وإنْ نَعموا عيشا سِوَى نِعَمٍ |
|
وربّما نَعِمَتْ في عَيشها النِّعَمُ |
الواجِدون غِنًى ، العادِمون نُهًى |
|
ليس الذى وجدوا مثل الذى عَدِمُوا (٢٥) |