كنّا ذات يوم مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ أقبلت فاطمة عليهاالسلام [تبكي] فقال لها [رسول الله] : فداك أبوك ما يبكيك؟ قالت : إن الحسن والحسين خرجا فما أدري أين باتا هما؟ فقال لها : لا تبكين يا بنيّة [فإن] الذي خلقهما ألطف بهما منّي ومنك.
ثمّ رفع النبيّ صلىاللهعليهوسلم يديه فقال : اللهمّ إن كانا أخذا برّا [أ] وبحرا فاحفظهما وسلّمهما.
فهبط جبرئيل عليهالسلام فقال : يا محمد لا تغتم [ظ] ولا تهتمّ وهما فاضلان في الدنيا والآخرة وأبوهما خير منهما (١) هما في حظيرة بني النجار نائمين وقد وكّل الله بهما ملكا يحفظهما.
فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه حتى أتوا الحظيرة فإذا الحسن معانق الحسين وإذا الملك الموكل بهما أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما قد أظلّهما فانكبّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم [عليهما] يقبّلهما حتى انتبها ، فجعل الحسن على عاتقه اليمنى والحسين على عاتقه اليسرى وجبريل معه حتى خرجا من الحظيرة ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : لأشرّفنّكما كما شرّفكما الله تعالى. فتلقّاه أبو بكر الصدّيق رضياللهعنه فقال : يا رسول الله ناولني أحد الصبيين حتى أحمله عنك.
__________________
ـ ابن مروان ، حدثنا أبي ، حدثنا إسحاق بن زيد ، عن سهل بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي :
عن أبي سعيد الخدري قال : كنّا نتحدث عند رسول الله صلىاللهعليهوآله [وهو] يميل مرّة عن يمينه ومرة عن شماله ، فلما رأينا ذلك قمنا عنه.
فلما خرجنا إلى الباب [و] إذا نحن بفاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال لها عليّ : يا فاطمة ما أزعجك هذه الساعة من رحلك؟ قالت : إن الحسن والحسين فقدتهما منذ أصبحت فلم أحسستهما ، وما كنت أظنّهما إلّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله. قال عليّ : هما عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فارجعي ولا تؤذين رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنها ليست بساعة إذن.
فسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله كلام عليّ وفاطمة ، فخرج في إزار ليس عليه غيره فقال : ما أزعجك هذه الساعة من رحلك؟ فقالت : يا رسول الله ابناك الحسن والحسين خرجا من عندي فلم أرهما حتى الساعة ، وكنت أحسبهما عندك وقد دخلني وجل شديد. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا فاطمة إن الله عزوجل وليّهما وحافظهما ليس عليهما ضيعة إن شاء الله ، ارجعي يا بنيّة فنحن أحقّ بالطلب.
فرجعت فاطمة إلى بيتها ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله في وجه وعليّ في وجه فابتغياهما فانتهيا إليهما وهما في أصل حائط قد أحرقتهما الشمس وأحدهما متستر بصاحبه ، فلما رآهما على تلك الحال خنقته العبرة ، وأكبّ عليهما يقبّلهما. ثم حمل الحسن على منكبه الأيمن وحمل الحسين على منكبه الأيسر ثم أقبل بهما رسول الله صلىاللهعليهوآله يرفع قدما ويضع أخرى مما يكابد من حرّ الرمضاء وكره أن يمشيا فيصيبهما ما أصابه فوقاهما بنفسه.
(١) كذا في أصليّ كليهما غير أن في نسخة السيد علي نقي : «وأبويهما خير منهما».