قال : فو الذي بعث محمدا نبيّا لقد نسجت الرياح الغيوم وأرعدت وأبرقت وتحرك الناس كأنهم يريدون التنحّي عن المطر ، فقال الرضا : على رسلكم أيّها الناس فليس هذا الغيم لكم إنما هو لأهل بلد كذا.
فمضت السحابة وعبرت ثم جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد وبرق فتحرّكوا ، فقال [الرضا] : على رسلكم فما هذه لكم إنما هو لبلد كذا.
فما زالت حتى جاءت عشرة سحائب وعبرت [و] يقول عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام : على رسلكم ليست هذه لكم إنما هي لبلد كذا.
ثم أقبلت سحابة حادية عشر (١) فقال : يا أيّها الناس هذه بعثها الله لكم فاشكروا الله على تفضّله عليكم وقوموا إلى مقارّكم ومنازلكم فإنّها مسامتة لرءوسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا مقارّكم ثمّ يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله عزوجل.
ونزل [الرضا] عن المنبر وانصرف الناس ، فما زالت السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم ثم جاءت بوابل المطر فملأت الأودية والحياض والغدران والفلوات.
فجعل الناس يقولون : هنيئا لولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كرامات الله.
ثم برز إليهم الرضا عليهالسلام ، وحضرت الجماعة الكثيرة منهم فقال :
يا أيّها الناس : اتّقوا الله في نعم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه ، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه ، واعلموا أنّكم لا تشكرون الله عزوجل بشيء بعد الإيمان بالله وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحبّ إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم تعبر [بهم] إلى جنان ربهم فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله تعالى ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك قولا ينبغي للعاقل أن يزيد في فضل الله عليه فيه أن يأمله ويعمل عليه (٢) قيل : يا رسول الله هلك فلان يعمل من الذنوب كيت وكيت. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بل قد نجا ، ولا يختم الله عمله إلا بالحسنى ، وسيمحو الله عنه السيّئات ويبدّلها له حسنات. إنّه كان مرّة يمرّ في
__________________
(١) كذا في كتاب عيون الأخبار ، وفي أصليّ : «حاذت ...»؟.
(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي ، وفي نسخة طهران : «أن يزهد».
وفي ط الغري من كتاب عيون الأخبار : «وقد قال رسول الله [صلىاللهعليهوآلهوسلم] في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله عليه فيه إن تأمله وعمل عليه».