أبي طالب. فقالت زينب : والله ما هو أخي ولا ولده عليّ بن أبي طالب. فقال المأمون : ما مصداق قولك هذا؟ قال : إنّا أهل البيت لحومنا محرّمة على السباع (١) فاطرحها إلى السباع ، فإن تك صادقة فإن السباع تغبّ لحمها (٢) قالت زينب : ابدأ بالشيخ. فقال المأمون : لقد أنصفت. قال الرضا : أجل. ففتحت بركة السباع وأضربت فنزل الرضا إليها ، فلمّا أن رأته بصبصت وأومأت إليه بالسجود فصلى ما بينها ركعتين (٣) وخرج منها ، فأمر المأمون زينب لتنزل وامتنعت فطرحت إلى السباع فأكلتها.
فحسد المأمون عليّ الرضا على ذلك ، فلما كان بعد مدة دخل الرضا على المأمون فوجد فيه هما ، فقال له : أرى فيك هما؟ فقال المأمون : نعم بالباب بدويّ قد دفع إليّ منه سبع شعرات يزعم أنّهنّ من لحية رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد طلب الجائزة ، فإن يك صادقا ومنعته الجائزة قد بخست شرفي ، وإن يك كاذبا فأعطيته الجائزة فقد سخر بي وما أدري ما أعمل؟ قال الرضا عليهالسلام : عليّ بالشعر فلمّا رآه شمّه وقال : هذه أربعة من لحية رسول الله صلىاللهعليهوسلم و [أمّا] الباقي فليس من لحيته صلىاللهعليهوسلم. فقال المأمون : ومن أين هذا؟ فقال : النار والشعر. فألقي الشعر في النار فاحترقت ثلاث شعرات ، وبقيت الأربعة التي أخرجها عليّ بن موسى الرضا [و] لم يكن للنار عليها سبيل. فقال المأمون : عليّ بالبدوي. فلما مثل بين يديه أمر بضرب عنقه (٤) فقال البدوي : بما ذا؟ فقال : تصدق عن الشعر. قال : أربعة من لحية رسول الله صلىاللهعليهوسلم وثلاث من لحيتي.
فتمكّن حسد المأمون في قلبه للرضا ، فنفاه إلى طوس ثم سقاه سمّا فمات عليّ الرّضا مسموما وقد كمل عمره ثمان وأربعون سنة ، فدفن إلى جانب قبر الرشيد ، فعلم قول عليّ : أنا والرشيد كهاتين.
ولمّا صار إلى كرامة الله سبحانه وتعالى ، صار وليّ الله في أرضه ابنه محمد بن عليّ بوصية أبيه إليه ، ولقّبه : صاحب الذوابة. ويقال : التقيّ. وأمّه ريحانة أمّ الحسين ومولده بالمدينة سنة سبعين (٥) ومائة من الهجرة.
__________________
(١) كذا في نسخة السيد علي نقي ، وفي نسخة طهران : «إنّا أهل بيت محرّمة على السباع».
(٢) وذكره في نسخة السيد علي نقي بالعين المهملة.
(٣) هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «فصلى فيما بينهما».
(٤) كذا في نسخة السيد علي نقي ، وفي نسخة طهران : «رقبته».
(٥) هذا هو الصواب الموافق لنسخة طهران غير أن فيها : «ومولوده». وفي نسخة السيد علي نقي : «ومولده بالمدينة سنة سبعين».