ولم يكن أحد من المجتهدين والأئمّة المهديّين إلّا و [كان] يجده في التديّن معوّلا عليه ، وفي التقبّل منتحلا إليه.
وقد كان الإمام الأعظم أبو حنيفة رضياللهعنه من المتمسّكين بولاء أهل بيته الطاهرين ، والمتنسّكين بالإنفاق على المستورين منهم والظاهرين ، حتى قيل إنّه بعث إلى المستّر منهم في أيّامه اثني عشر ألف درهم دفعة واحدة كرامة له (١) وكان يأمر أصحابه برعاية أحوالهم وتحقيق آمالهم والاقتفاء لآثارهم ، والاهتداء بأنوارهم (٢).
والإمام المعظّم الشافعي المطّلبي رحمهالله صرّح بأنّه من شيعة أهل البيت!!! حتى قيل فيه بكيت وكيت فقال مجيبا عن ذلك :
قالوا : ترفّضت؟ قلت : كلّا |
|
ما الرّفض ديني ولا اعتقادي |
لكن تولّيت غير شكّ |
|
خير إمام وخير هادي : |
إن كان حبّ الولي رفضا |
|
فإنّني أرفض العبادي |
وقال أيضا :
يا راكبا قف بالمحصّب من منى |
|
واهتف بقاعد (٣) خيفها والناهض |
__________________
(١) هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «لإكرامه».
وروى البلاذري في ترجمة زيد الشهيد من أنساب الأشراف : ج ٣ ص ٢٣٩ ط ١ ، قال : وبعث [زيد] إلى أبي حنيفة ، فكاد [أن] يغشى عليه فرقا ، وقال [للرسول] : من أتاه من الفقهاء؟ فقيل له :
سلمة بن كهيل ، ويزيد بن أبي زياد ، وهاشم البريد ، وأبو هاشم الرماني وغيرهم. فقال : لست أقوى على الخروج. وبعث إليه بمال قواه به.
وقريبا منه رواه أيضا أبو الفرج في ترجمة زيد من مقاتل الطالبيين ص ١٤٥ ، قال :
حدثني علي بن العباس ، قال حدثنا أحمد بن يحيى قال : حدثنا عبد الله بن مروان بن معاوية ، قال : سمعت محمد بن جعفر بن محمد في دار الإمارة يقول :
رحم الله أبا حنيفة لقد تحققت مودته لنا في نصرته زيد بن علي ، وفعل بابن المبارك في كتمانه فضائلنا. ودعا عليه.
أخبرني الحسين ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدثنا عمرو ، عن الفضل بن الزبير قال :
قال أبو حنيفة : من يأتي زيدا في هذا الشأن من فقهاء الناس؟ قال [الفضل] : قلت : سلمة بن كهيل ، ويزيد بن أبي زياد ، وهارون بن سعد ، وهاشم بن البريد ، وأبو هاشم الرماني والحجاج بن دينار وغيرهم.
فقال لي : قل لزيد : لك عندي معونة وقوة على جهاد عدوك فاستعن بها أنت وأصحابك في الكراع والسلاح. [قال :] ثم بعث ذلك معي إلى زيد فأخذه زيد.
(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي ، وفي مخطوطة طهران : «والاقتداء بأنوارهم».
(٣) كذا في الأصل ، وفي بعض المصادر : «بساكن». ولعل الأظهر : «بقاطن».