إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا : يا أبا العباس إمّا أن تقوم معنا وإمّا أن تخلو بنا من بين هؤلاء. قال : فقال ابن عباس : بل أنا أقوم معكم ـ قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ـ فابتدءوا فتحدثوا (١) فلا يدرى ما قالوا ، قال : فجاء [ابن عباس وهو] ينفض ثوبه ويقول : أفّ وتف (٢) [وقعوا في رجل له بضعة عشر فضائل ليست لأحد غيره] :
وقعوا في رجل قال له النبي صلىاللهعليهوسلم [يوم خيبر] : لأبعثنّ رجلا لا يخزيه الله أبدا ، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. فاستشرف لها من استشرف (٣) فقال : أين عليّ؟ فقالوا : إنه في الرحا يطحن. قال : كان أحد غيره ليطحن؟ (٤) قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر. قال : فنفث في عينيه ثم هزّ الراية ثلاثا فأعطاها إياه ، فجاء عليّ بصفيّة بنت حيي.
فقال ابن عباس : ثمّ بعث النبي صلىاللهعليهوسلم [فلانا] بسورة التوبة (٥) فبعث عليّا خلفه وأخذها منه ، وقال : لا يذهب بها إلّا رجل هو منّي وأنا منه.
قال ابن عباس : وقال النبي صلىاللهعليهوسلم [لبني عمّه] : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ ـ قال : وعليّ جالس معهم ـ فأبوا!!! فقال عليّ : أنا أواليك في الدنيا والآخرة. قال : فتركه ثم أقبل علي رجل [رجل] منهم فقال : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا فقال عليّ : أنا أواليك في الدنيا والآخرة. [ف] قال [له] : أنت وليي في الدنيا والآخرة (٦).
قال ابن عباس : وكان علي أوّل من آمن من الناس بعد خديجة.
__________________
(١) ومثله في مسند أحمد وخصائص النسائي ومستدرك الحاكم والرواية الثانية والثالثة لابن عساكر ، في ترجمة علي عليهالسلام من تاريخ دمشق نقلا عن أبي يعلى وأحمد.
وفي الرواية الأولى من ترجمة الإمام من تاريخ دمشق نقلا عن طريق المحاملي : «فانتدبوا». وفي الباب : (٦٢) من كفاية الطالب ص ٢٤١ نقلا عن الأربعين الطوال لابن عساكر : «فانتدءوا» أي جلسوا نديا وجماعة في النادي.
(٢) ما بين المعقوفات هاهنا وما بعده زيادة توضيحية منا.
(٣) هذا هو الظاهر الموافق لما في تاريخ دمشق ، وفي الأصل : «فاستشرف لهما مستشرف».
(٤) كذا في نسخة طهران ، وفي نسخة السيد علي نقي : «ما كان أحدهم ليطحن».
(٥) ما بين المعقوفين قد سقط عن أصلي من فرائد السمطين وأخذناه من رواية ابن عساكر عن أحمد.
وما ذكره أيضا عدول عن صريح لفظ ابن عباس ، وصريحه هو ما رواه من طريق أبي يعلى والمحاملي : «وبعث أبا بكر بسورة براءة وبعث عليا خلفه ...».
(٦) كذا في رواية ابن عساكر نقلا عن أحمد ، وهاهنا في أصلي من فرائد السمطين حذف جلى.