يسيرونَ نحو الماء ، فإذا بقِيَ بينهم وبين الماء عشِيَّةٌ عجَّلوا نحوه ، فتلك اللَّيلةُ ليلةُ القَرَب. والقَارِب : الطَّالب الماءَ ليلاً. قال الخليل : ولا يقال ذلك لطالبهِ نهاراً. وقد صرَّفوا الفعلَ من القَرَب فقالوا : قَرَبْت الماء أقرُبُه قَرَباً. وذلك على مثال طلَبْتُ أطْلُبُ طَلَبا ، وحَلَبْتُ أحلُب حَلَبا. ويقولون : إنّ القَارِب : سفينةٌ صغيرة تكون مع أصحاب السُّفن البَحْريّة ، تُستَخَفُّ لحوائجهم ؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لقُرْبِها منهم. والقُرْبانُ : ما قُرِّب إلى الله تعالى من نَسِيكةٍ أو غيرها.
ومن الباب : قُربانُ الملِك وقَرابِينه : وزراؤه وجُلساؤه. وفرسٌ مُقْرَبة ، وهي التي تُرْتَادُ(١) وتقرَّب ولا تُترَك أن تَرُود. قال ابنُ دريد : إنَّما يُفعَل ذلك بالإناث لئلَّا يقرعَها فحلٌ لئيمٌ.
ويقال : قَرَّبَ الفرسُ تقريباً ، وهو دون الحُضْر ، وقيل تقريبٌ لأنَّه إذا أَحْضَرَ كان أبعدَ لمداه. وله فيما يقالُ تقريبان : أدنى وأعلى. ويقال : أقرَبت الشَّاة ، دنا نِتاجُها. قال ابن السِّكِّيت : ثوب مُقارِبٌ ، إذا لم يكن جيِّدا. وهذا على معنى أنَّه مقارِبٌ في ثَمَنِه غيرُ بعيدٍ ولا غالٍ. وحكي غيرُه : ثوبٌ مُقارِبٌ : غير جيد ، وثوب مقاربٌ : رخيص. والقياس في كلِّه واحد. وأمّا الخاصرة فهي القُرْب ، سمِّيت لقُرْبها من الجنب. وقال* قوم : سمِّيت تشبيهاً لها بالقِرْبة قالوا : وهذا قياسٌ آخر ، إنّما هو من أن يضُمَّ الشّيءَ ويحوِيَه. قالوا : ومنه القِرابُ : قرابُ السَّيف ، والجمع قُرُب. قال الشّاعر (٢) :
__________________
(١) وكذا وردت العبارة فى المجمل ، وصوابه «التى تدنى» ، كما فى الجمهرة (١ : ٢٧٢) واللسان والقاموس.
(٢) هومرة بن محكان السعدى. الحماسة (٢ : ٢٥٣) والحيوان (٢ : ٣٥٢) والأغانى (٢٠ : ١٠) ومعجم المرزبانى ٣٨٣.