ويقول بعض العلماء : إن المرأة تُعاقِل الرّجُلَ إلى ثلث ديتها*. يعنون أنّ مُوضِحتَها وموضحتَهُ سواء (١) ، فإذا بلغ العَقلُ ما يزيد على ثُلث الدية صارت ديةُ المرأة على نصف دِيَة الرّجل.
وبنو فلانٍ على معاقلهم التى كانوا عليها فى الجاهلية ، يعنى مراتبَهم فى الدِّيات ، الواحدة مَعْقُلة. قالوا أيضاً : وسمِّيت الديّة عَقْلاً لأنّ الإبل التى كانت تُؤخَذ فى الدِّيات كانت تُجمَع فتُعقَل بفناء المقتول ، فسمِّيت الدّيةُ عقلاً وإن كانت دراهمَ ودنانير. وقيل سمِّيت عقلاً لأنَّها تُمْسِك الدّم.
قال الخليل : إذا أخذ المصَدِّق صدقةَ الإبل تامّةً لسنة قيل : أخذ عقالاً ، وعقالين لسنتين. ولم يأخذ نقدا ، أى لم يأخذ ثمنا ، ولكنه أخَذَ الصَّدقةَ على ما فيها. وأنشد :
سعى عقالاً فلم يترُكْ لنا سَبَداً |
|
فكيف لو قد سعى عمرٌ وعِقالينِ (٢) |
وأهل اللغة يقولون : إنَّ الصّدقة كلَّها عِقال. يقال : استُعمِل فلانٌ على عِقال بنى فلان ، أى على صدقاتهم. قالوا : وسمِّيت عقالاً لأنَّها تَعقِل عن صاحبها الطّلبَ بها وتَعقِل عنه المأثَمَ أيضاً.
وتأوَّلُوا قولَ أبى بكر لمَّا منعت العربُ الزكاةَ : «والله لو منعونى عِقالاً ممّا
__________________
(١) الموضحة : الشجة التى تبلغ العظم فتوضح عنه.
(٢) البيت لعمرو بن العداء الكلبى ، يقوله فى عمرو بن عتبة بن أبى سفيان ، وكان معاوية استعمله على صدقات كلب ، فاعتدى عليهم. اللسان (عقل ، سعى) والخزانة (٣ : ٣٨٧) والأغانى (١٨ : ٤٩). وانظر مجالس ثعلب ١٧١ حيث الكلام على البيت.