ومن هذا القياس العُشّ للغُراب على الشَّجرة* وكذلك لغيرهِ من الطَّير ، والجمع عِشَشة. يقال اعتَشَ الطَّائرُ يعتشُ اعتشاشاً. قال :
بحيث يَعْتَشُ الغرابُ البائضُ (١)
إنّمَا نَعتَه بالبائض وهو ذكَرٌ لأنَّ له شِرْكةً فى البيض ، على قياسِ والد. قال أبو عمرو : وعَشَّش (٢) الطَّائر : اتَّخذ عُشَّا. وأنشد :
وفى الأَشاء النّابتِ الأصاغِرِ |
|
مُعَشَّشُ الدُّخَّلِ والتَّمامِرِ (٣) |
قال ابو عبيد : تقول العرب : «ليس هذا بعُشِّكِ فادرُجِي» ، يُضرَب مثلاً لمن ينزِل منزلا لا يصلحُ لمثله. وإنما قلْنا إنَّ هذا من قياس الباب لأنَ العُشّ لا يكاد يعتشُّه الطَّائر إلّا من دقيق القّضبانِ والأغصان. وقال ابن الأعرابىّ : الاعتشاش : أن يمتارَ القوم مِيرَةٍ ليست بالكثيرة.
ومن الباب ما حكاه الخليل : عَشَّش الخُبْز ، إذا كَرَّج. وقال غيرُه : عَشّ فهو عاشٌّ ، إذا تغيَّر ويَبِس. وعَشَّش الكلأ : يبِس. ويقال عشَّشت الأرض : يبِست.
ومما شذَّ عن هذا الأصل قولُهم : أعششتُ القَومَ ، إذا نزلتَ بهم على كرهٍ حتَّى يتحوَّلوا من أجلك. وأنشد :
__________________
(١) من أشطار لأبى محمد الفقعسى فى الحيوان (٢ : ٤٥٧). وأنشدها فى اللسان (عشش) بدون نسبة. وقبله :
يتبعها عدبس جرائض |
|
أكاف مريد عصور عائض |
(٢) فى الأصل : «وعشعش» ، تحريف.
(٣) التمامر : جمع تمرة ، بضم التاء وتشديد الميم المفتوحة ، وهى طائر أصغر من العصفور.