العِفاس وبَرْوَع : ناقتان. وهذا منقاسٌ من الذى ذكرناه من مآخير الشَّىء ومُعظَمِه. وذلك أنَّ أهل اللُّغة يقولون : التعجُّس : التأخُّر. قالوا : ويمكن أن يكون اشتقاق العَجَاساء من الإبل منه ، وذلك أنَّها هى التى تَستأخِر عن الإبل فى المرتَع. قالوا : والعَجَاساء من السَّحاب : عِظامُها. وتقول : تَعَجَّسَنى عَنْك كذا ، أى أخَّرنى عنك. وكل هذا يدلُّ على صحَّة القياسِ الذى قِسناه.
وقال الدريدىّ (١) : تعجَّسْتُ الرّجُلَ ، إذا أمَر أمْراً فغَيّرتَه عليه. وهذا صحيحٌ لأنَّه من التعقُّب ، وذلك لا يكون إلّا بعد مضىِّ الأوّل وإتيانِ الآخَرِ على ساقَتِه وعند عَجُزه. وذَكرُوا أنَ العَجِيساءَ (٢) : مِشْيَةٌ بطيئة. وهو من الباب. ومما يدلُّ على صحَّة قياسِنا فى آخر الليل وعَجَاسائهِ قولُ الخليل : العجَسْ : آخِر الليل. وأنشد :
وأصحاب صدقٍ قد بعثْتُ بجَوشَنٍ |
|
من اللَّيل لو لا حبُّ ظمياءَ عرَّسُوا |
فقامُوا يَجُرُّون الثِّيابَ وخَلفَهم |
|
من اللَّيلَ عَجْسٌ كالنَّعامةِ أقعسُ |
وذكر أحمد بن يحيى ، عن ابن الأعرابىّ : أن العُجْسة آخِر ساعةٍ فى اللَّيل. فأمّا قولهم: «لا آتيك سَجِيسَ عُجَيسٍ» فمِن هذا أيضاً ، أى لا آتيك آخِرَ الدَّهر. وحُجّةُ هذا قول أبى ذؤيب :
سَقَى أمُّ عَمروٍ كلِّ آخِرِ ليلةٍ |
|
حَناتِمُ مُزْنٍ ماؤهن ثجيجُ (٣) |
لم يُرِدْ أواخرَ اللَّيالى دون أوائلها ، لكنّه أراد أبداً.
__________________
(١) الجمهرة (٢ : ٩٣).
(٢) ويقال أيضا «عِجِّيسَى».
(٣) ديوان الهذليين (١ : ٥١) واللسان (حنتم ، ثجج). وقد سبق فى (ثج).