كنت أعرف! فقال عبد الله : بحق طاهر ألا فعلت؟ فابتدر عوف وقال :
أفي كلّ عام غربة ونزوح |
|
أما للنّوى من وثبة فتريح (١) |
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي (٢) |
|
فهل أرينّ البين وهو طليح |
وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة |
|
فنحت وذو البثّ الغريب ينوح (٣) |
على أنّها ناحت ولم تذر دمعة |
|
ونحت وأسراب الدّموع سفوح |
وناحت وفرخاها بحيث تراهما |
|
ومن دون أفراخي مهامه فيح |
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر |
|
وغصنك ميّاد ففيم تنوح |
عسى جود عبد الله أن يعكس النّوى |
|
فتلقى عصا التّطواف وهي طريح (٤) |
فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه |
|
وعدم الغنى بالمقترين طروح (٥) |
فاستعبر عبد الله ورقّ له وجرت دموعه وقال له : والله إني لضنين بمفارقتك ، شحيح على الفائت من محاضرتك ، ولكن والله لا أعملت معي خفا ولا حافرا إلا راجعا إلى أهلك. وأمر له بثلاثين ألف درهم ، فقال عوف :
يا ابن الّذي دان له المشرقان |
|
وألبس الأمن به المغربان (٦) |
إنّ الثّمانين ـ وبلّغتها ـ |
|
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان |
وبدّلتني بالشّطاط انحنا |
|
وكنت كالصّعدة تحت السّنان |
__________________
(١) في الامالي ١ / ١٣٠ (من ونية).
(٢) ويروى : (البيت القذوف).
(٣) في الامالي : (وذو الشجو الحزين).
(٤) في الامالي : (فتضحى عصا التّسيار).
(٥) كذا بالاصل ، وفي الامالي : (وعدم الفتى ... نزوح).
(٦) في الامالي ١ / ٥٠ (طرّا وقد دان له المغربان).