قال أبو الفرج في الأغاني (١) : اخبرنا ابن دريد ، حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال : كان عقيل علقمة (٢) قد طرد بنيه ، فتفرّقوا عنه في البلاد وبقى وحده. ثم إن رجلا من بني صرمة ، يقال له ، بجيل ـ وكان كثير المال والماشية ـ حطم بيوت ، عقيل بماشيته ، ولم يكن قبل ذلك أحد يقرب من بيوت عقيل إلّا لقى شرّا ، فطردت أمة له الماشية ، فضربها بجيل بعصا كانت معه فشجعها. فخرج إليه عقيل وحده ـ وقد هرم يومئذ وكبرت سنه ـ فزجره وضربه بجيل بعصاه واحتقره ، فجعل عقيل يصيح : يا علقمة (٣) ، يا عملّس ، بأسماء أولاده مستغيثا بهم ، فقال ارطاة بن سهيه :
أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى |
|
وجدت مرارة الكلإ الوبيل |
ولو كان الألى غابوا شهودا |
|
منعت فناء بيتك من بجيل |
وبلغ خبر عقيل ابنه العملس وهو بالشام ، فأقبل الى أبيه حتى نزل إليه ، ثم عدا الى بجيل فضربه ضربا مبرحا ، وعقر عدة من إبله وأوثقه ، وجاء به حتى ألقاه بين يدي أبيه ، ثم ركب راحلته وعاد من وقته الى الشام ولم يطعم له طعاما ولم يشرب له شرابا.
قال ابن الشجري : قوله : أكل الضبّ : معناه أكل الضب أولاده ، لأن الضباب تأكل أولادها إلا القليل ، فجعل تعديه على بنيه وظلمه لهم كأن الضب ولده مبالغة في وصفه بالبغي عليهم والظلم لهم.
٥٨٣ ـ وأنشد :
وقد أسلماه مبعد وحميم (٤)
__________________
(١) ١٢ / ٢٦٩ (الدار).
(٢) كذا بالاصل ، وصحتها : عقيل بن علفة كما في الاغاني وابن الشجري.
(٣) في الاغاني : (يا علّفة).
(٤) ابن عقيل ١ / ١٦٩ وديوانه ١٩٦ وشرح شواهد العيني ٢ / ٤٦١
وانظر ص ٧٩٠ ـ ٧٩١ والشاهد رقم ٥٩٤.