٢٠٧ ـ وأنشد :
فإن أهلك فربّ فتى سيبكي |
|
عليّ مهذّب رخص البنان |
أخرج المعافيّ بن زكريا ، وابن عساكر في تاريخه ، بسند متصل عن ابن لأعرابي قال (١) : بلغني أنه كان رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك ، فتاكا شجاعا ، قد أغار على أهل حجر وناحيتها ، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف ، فكتب إلى عامله باليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به ويأمره بالاجتهاد في طلبه. فلما وصل اليه الكتاب أرسل إلى فتية من بني يربوع ، فجعل لهم جعلا عظيما إن هم قتلوا جحدرا أو أتوا به أسيرا. فانطلقوا حتى اذا كانوا قريبا منه أرسلوا اليه أنهم يريدون الانقطاع اليه والتحرز به ، فاطمأن اليهم ووثق بهم ، فلما أصابوا منه غرة شدوه كتافا ، وقدموا به على العامل ، فوجه به معهم الى الحجاج. فلما أدخل على الحجاج قال له : من أنت؟ قال : أنا جحدر بن مالك. قال : ما حملك على ما كان منك؟ قال : جراءة الجنان ، وجفاء السلطان ، وكلب الزمان. قال : وما الذي جرى منك ، فجرأ جنانك؟ قال : لو بلاني الأمير ، أكرمه الله ، لوجدني من صالحي الأعوان ، وبهم الفرسان. ولوجدني من أنصح رعيته. وذلك أني ما لقيت فارسا قط إلا وكنت عليه في نفسي مقتدرا. قال له الحجاج : إنا قاذفون بك في حائر ، فيه أسد عاقر ضار ، فإن هو قتلك كفانا مؤنتك ، وإن أنت قتلته خلينا سبيلك. قال : أصلح الله الأمير ، عظمت المنة وقويت المحنة. قال الحجاج : فإنّا لسنا بتاركيك تقاتله إلا وأنت مكبل بالحديد. فأمر به الحجاج فغلت يمينه الى عنقه وأرسل به إلى السجن ، فقال جحدر لبعض من يخرج إلى اليمن : تحمل عني شعرا؟ وأنشأ يقول :
تأوّبني فبتّ لها كنيعا |
|
هموم لا تفارقني حواني |
هي العوّاد لا عوّاد قومي |
|
أطلن عيادتي في ذا المكان |
إذا ما قلت قد أجلين عنّي |
|
ثنى ريعانهنّ عليّ ثاني |
__________________
(١) ابن عساكر ٣ / ٦٣ وانظر البلدان (حجر) والخزانة ٤ / ٤٨٣ والامالي ١ / ٢٨١ ـ ٢٨٢ والبلوىّ ٢ / ٥٠١ مع تقديم وتأخير في رواية أبيات القصيدة.