فشرب مصدر مضافا لفاعله ، وبرد مفعول ، والباء فيه زائدة ، وفي : بقرونها للتبعيض. وقوله :
فقالت على اسم الله أمرك طاعة
أورده المصنف في الكتاب الخامس شاهدا على أن لمحذوف في نحو قوله تعالى (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) المبتدأ ، أي أمرنا للتصريح به في البيت.
١٤٦ ـ وأنشد :
كنواح ريش حمامة نجديّة |
|
ومسحت باللّثّتين عصف الإثمد (١) |
هذا لخفاف بن ندبة. قال الأعلم : أراد ، كنواحي ، فحذف الياء ضرورة. وقد استشهد به سيبويه على ذلك. ووصف في البيت شفتي امرأة ، فشبهها بنواحي ريش الحمامة في رقتها ولطافتها وحزنها ، وخص الحمامة النجدية ، لأن الحمام عند العرب كل مطوّق كالقطا وغيره. وإنما قصده منها إلى الحمام الورق ، وهي تألف الجبال والحزون. والنجد : ما ارتفع من الأرض ، ولا تألف الفيافي والسهول كالقطا ونحوه. قال : والرواية الصحيحة : ومسحت ، بكسر التاء ، وأراد أن لثاتها تضرب الى السمرة ، فكأنها مسحت بالأثمد. وعصف الأثمد : ما سحق منه ، وهو من عصفت الريح ، إذا هبت بشدة فسحقت ما مرت به وكسرته ، وهو مصدر ، أريد به المفعول ، كالخلق بمعنى المخلوق. ويروى : بضم الثاء ، ومعناه قبلتها ، مسحت عصف الاثمد في لثمها ، انتهى. وقال الزمخشري : البيت عزاه قوم لابن المقفع ، وليس كما قالوا. وأراد بالحمامة النجدية : الفاختة لأنها لا تسكن الغور وتهامة وما والاهما ، وإنما تسكن في نجد. والعصف : ورق الزرع ، وليس الأثمد بشيء ينبت فيكون له ورق ، لأنه حجارة ولكنه من الأشياء التي لا تكون ببلاد العرب ، فلا يقفون على حقيقته كقوله :
ولم تذق من البقول الفستقا
شبه سواد لثة المرأة بسواد أطراف ريش الحمامة. وأراد مسحت اللثتين بعصف الأثمد ، فقلب لعدم الألتباس. وقال بعضهم : عصف الأثمد : سحيقه ، وهم يجعلون
__________________
(١) سيبويه ١ / ٩ ، والانصاف ٥٤٦ ، والعمدة ٢ / ٢٥٥ والموشح ٩٤.