لمصنف هنا وفي (رب) كالكوفيين ، على أن التصغير يرد للتعظيم إذ المعنى داهية عظيمة. وقد أجيب عنه بأنها صغرت لدقتها وخفائها فهو راجع إلى معنى التقليل. وفي المحكم : انه خويخية بمعجمتين بمعنى دويهية. وقوله (أرى الناس ... البيت). أي إن الناس لا يدرون ما هم فيه من خطر الدنيا وسرعة فنائها ، وأن كل ذي عقل متوسل إلى الله بصالح عمل. وقوله : واسل ، معناه ذو وسيلة ، مثل : لابن وتامر. وألمّا : هي لمّا الجازمة ، دخلت عليها همزة التوبيخ. وأمّك هابل : مبتدأ وخبر. وقوله : فان أنت ، أصله فإن إياك ، ثم أبان المرفوع عن المنصوب ، كقراءة الحسن (إياك نعبد) وقد أورده ابن قاسم في شرح الألفية شاهدا لذلك. وقيل : أصله ، كأن ضللت لم ينفعك علمك. فاضمر الفعل لدلالة ما بعده عليه ، فانفصل الضمير ، ولعل للتعليل. والقرون : جمع قرن. قال الجوهري : والقرن من الناس أهل زمان واحد. ومعنى البيت والذي يليه : أن غاية الانسان الموت ، فينبغي له أن يتعظ بأن ينسب نفسه إلى عدنان أو معدّ ، فإن لم يجد من بينه وبينهما من الآباء باقيا فليعلم أنه يصير إلى مصيرهم ، فينبغي له أن ينزع عما هو عليه. وقوله : فلتزعك ، بالزاي ، يقال : وزعه يزعه إذا كفه. والعواذل هنا : حوادث الدهر وزواجره. وإسناد العذل إليها مجاز ، ونصب (دون) بالعطف على محل من دون ، لأن معنى : إن لم تجد من دون عدنان ، وإن لم تجد دون عدنان واحد ، قاله المصنف في شواهده. وقد استشهد المصنف بهذا البيت في الكتاب الرابع على انه لا يختص مراعاة الموضع في العطف أن يكون العامل في اللفظ زائدا.
فائدة :
لبيد بن ربيعة بن مالك ابن جعفر بن كلاب ، يكنى أبا عقيل. قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في وفد بني كلاب فأسلم ، ثم رجع الى بلاده وقطن الكوفة ، ومات بها ليلة نزل معاوية النخيلة لمصالحة الحسن بن عليّ ، وعاش مائة وأربعين سنة. ذكره ابن سلام في الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية (١). وكان شريفا في الجاهلية والاسلام. وقيل انه مات في خلافة عثمان ، وقيل في خلافة معاوية.
أخرج ابن اسحق في مغازيه قال : حدّثني صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن
__________________
(١) الطبقات ١٠٣