فأما الشليل فقال قوم : هو الحِلْس ، وهو لا يكون محقق النَّسْج. وأمَّا الجُنَنُ (١) ففيها الشَّليل ، فقال قوم : هو ثوبٌ يُلبَس تحت الدِّرع* ولا يكون ضعيفاً ، وقال آخرون : هى الدِّرع القصيرة ، وتُجمع أشِلّة. قال أوس :
وجاءُوا بها شهباءَ ذاتَ أشِلَّةٍ |
|
لها عارضٌ فيه المنيَّةُ تلمعُ (٢) |
وأىّ ذلك كان فإِنما هو تشبيهٌ واستعارة.
شم الشين والميم أصلٌ واحد يدلُّ على المقارَبة والمداناة. تقول شَممت الشىءَ فأنا أشُّمه(٣). والمشامَّة : المفاعلة من شاممته ، إذا قاربتَه ودنوتَ منه. وأشمَمْتُ فلاناً الطيبَ. قال الخليل : تقول للوالى : أشمِمنى يدَكَ ، وهو أحسنُ من قولك : ناوِلْنى يدَك. وأمَّا الشمم فارتفاعٌ فى الأنف ، والنعت منه الأشمُ ؛ فى الظاهر كأنه بعيدٌ من الأصل الذى أصَّلناه ، وهو فى المعنى قريبٌ ، وذلك أنه إذا كان مرتفعَ قصبة الأنف كان أدنى إلى ما يريد شَمَّهُ. ألا تراهم يقولون : [آنفُهمْ (٤)] تنال الماء قبل شفاههم. وإذا كان هذا كذا كان منه أيضاً ما حُكى عن أبى عمرو : أَشمَ فلانٌ ، إذا مرّ رافعاً رأسه. وعرضت عليه كذا فإذا هو مُشِمٌ (٥). وبينا هُمْ فى وجهٍ أشَمُّوا ، أى عدَلوا ؛ لأنه إذا باعدَ شيئاً قاربَ غيره ، وإذا أشمَ عن شىء قاربَ غيره ، فالقياسُ فيه غير بعيد.
__________________
(١) الجنن : جمع جنة ، وهو ما استترت به من السلاح. وفى الأصل : «الحسن» ، تحريف ، صوابه من المجمل.
(٢) ديوان أوس بن حجر ١١ واللسان (شلل).
(٣) يقال من بابى علم ونصر.
(٤) تكملة يفتقر إليها الكلام.
(٥) فى الأصل : «متشم» ، صوابه فى المجمل واللسان.