شك الشين والكاف أصل واحدٌ مشتقٌّ بعضُه من بعض ، وهو يدلُّ على التَّداخُل. من ذلك قولهم شكَكْتُه بالرُّمح ، وذلك إذا طعنتَه فداخَل السنانُ جسمَه. قال :
فشككت بالرُّمح الأصَمِّ ثيابَه |
|
ليس الكريمُ على القنا بمحرَّمِ (١) |
ويكون هذا من النَّظْم بين الشيئين إذا شُكّا.
ومن هذا الباب الشكُ ، الذى هو خلافُ اليقين ، إنما سمِّى بذلك لأنَ الشَّاكَ كأنه شُكَ له الأمرانِ فى مَشَكٍّ واحد ، وهو لا يتيقن واحداً منهما ، فمن ذلك اشتقاق الشك. تقول : شككت بين ورقتين ، إِذا أنت غرَزْت العُود فيهما فجمعتَهما.
ومن الباب الشِّكَّةُ ، وهو ما يلبسه الإِنسان من السّلاح ، يقال هو شاكٌ فى السّلاح. وإنما سمِّى السّلاحُ شِكَّة لأنه يُشَكُ به ، أوْ لأنه كأنه شُكَ بعضُه فى بعض. فأمّا قول ذى الرُّمَّة :
وَثْبَ المَسحَّج مِن عاناتِ مَعْقُلةٍ |
|
كأنّه مُستَبانُ الشَّكِ أو جَنِبُ (٢) |
فالشك يقال إنّه ظلْع خفيف ؛ يقال بعيرٌ شاكٌ ، وقد شَكّ شَكًّا. وهذا قياس صحيح ؛ لأنّ ذلك وَجَع (٣) يداخِلهء ويقال بل الشَّكّ : لُصوق العَضد بالجنْب. فإِن صحَّ هذا فهو أظهر فى القياس. والشكائك : الفِرَق من الناس ،
__________________
(١) البيت من معلقة عنترة العبسى.
(٢) البيت فى ديوان ذى الرمة ١٠ واللسان (جنب ، شكك). وقد سبق فى (جنب).
(٣) فى الأصل : «رجع».