وأمّا السَّبْت بعد الجمعة ، فيقال إنّه سمِّىَ بذلك لأنّ الخلْق فُرغ منه يومَ الجمعة وأكمل ، فلم يكن اليومُ الذى بعد الجمعة يوماً خُلِق فيه شىءٌ. والله أعلم بذلك. هذا بالفتح. فأمّا السِّبْت فالجلودُ* المدبوغة بالقَرَظِ ، وكأنّ ذلك سمِّى سِبْتاً لأنّه قد تناهى إصلاحُه ، كما يقال للرُّطَبَة إذا جرى الإرطابُ فيها : مُنْسَبِتة.
سبج السين والباء والجيم ليس بشىءٍ ولا له فى اللغة العربيَّة أصلٌ. يقولون السُّبْجة : قميصٌ له جَيب. قالوا : وهو بالفارسية «شَبِى (١)». والسَّبج : أيضاً ليس بشىء. وكذلك قولهم إنَ السَّبَج حجارةُ الفضّة. وفى كل ذلك نظر.
سبح السين والباء والحاء أصلان : أحدهما جنسٌ من العبادة ، والآخر جنسٌ من السَّعى. فالأوّل السُّبْحة ، وهى الصَّلاة ، ويختصّ بذلك ما كان نفْلاً غير فَرض. يقول الفقهاء : يجمع المسافرُ بينَ الصَّلاتين ولا يُسبِّح بينهما ، أى لا يتنفَّل بينهما بصلاةٍ. ومن الباب التَّسبيح ، وهو تنزيهُ الله جلّ ثناؤه من كلِّ سُوء. والتَّنزيه : التبعيد. والعرب تقول : سبحان مِن كذا ، أى ما أبعدَه. قال الأعشى :
أقولُ لمّا جاءنى فخرُه |
|
سُبحانَ مِن علقمةَ الفاخِر (٢) |
وقال قوم : تأويلهُ عجباً له إِذَا يَفْخَر. وهذا قريبٌ من ذاك لأنّه تبعيدٌ له من الفَخْر. وفى صفات الله جلّ وعز : سُبُّوح. واشتقاقه من الذى ذكرناه أنّه تنزَّه من كل شىءٍ لا ينبغى له. والسُّبُحات الذى جاء فى الحديث (٣) : جلال الله جلّ ثناؤه وعظمتُه.
__________________
(١) فسرت هذه الكلمة فى معجم استينجاس ٧٣٢ بأنها قميص يلبس فى المساء.
(٢) ديوان الأعشى ١٠٦ واللسان (سبح).
(٣) هو حديث : «إن لله دون العرش سبعين حجابا لودنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجه ربنا».