قد حفَّلت ؛ أَى جُمع اللّبنُ فى ضَرعها. ونُهِى عن التَّصريةِ والنَّحفيل. ويقال لا تَحْفِل به ، أى لا تُبالِهِ ؛ وهو من الأصل ، أى لا تتجمَّع. وذلك أنّ مَن عَراه أمرٌ تجمَّع له.
فأمَّا قولهم لحُطام التِّبن حُفالة فليس من الباب ، إنّما هو من باب الإبدال ؛ لأنّ الأصلَ حُثالة ، فأبدلت الثاء فاءَ.
ومن الباب رجلٌ ذو حَفْلَةٍ ، إذا كان مبالِغاً فيما أخذ فيه ، وذلك أنّه يتجمّع له رأياً وفِعلا. وقد احتَفَل لهم ، إذا أحسن القيام بأمرهم. ويقال احتَفَل الوادِى. بالسّيل. فأمّا قولهم تحفّل ، إذا تزيّنَ ، فهو من ذلك أيضاً لأنه يجمُع لنفسه المحاسِن.
فأمّا قولهم حَفَلْتُ الشئَ ، إذا جلوتَه ، فمن الباب ، والقياسُ صحيح ؛ وذلك أنّه.
يجمع ضَوءَه ونُورَه بما يَنفيه من صَدئه. قال بشر :
رأى درة بيضاء يَحفِل لونُها |
|
سُخامٌ كغِربان البريرِ مَقَصَّبُ (١) |
والمُقصَّبْ المجمَّد. وأراد بالدّرّة امرأةً. يحفل لونَها [سخام (٢)] ، يعنى الشَعَر يريدها بسوادِه بياضا ، وهذا كأنّه جلاها ، وهو من الكلام الحسن جدًّا.
حفن الحاء والفاء والنون كلمةٌ واحدة ، منقاسٌ ، وهو جمعُ الشىء فى كفٍّ أو غير ذلك. فالحَفْنَة : مِلءُ كفّيك من الطَّعام. يقال حَفَنْتُ الشىءَ حَفْناً بيدىَّ. ومنه حديث أبى بكر : «إنّما نحن حَفْنَةٌ من حَفنات الله تعالى». معناه أنَّ الله تعالى إذا شاء أدخل خلْقه الجنّةَ ، وأنَّ ذلك يسيرٌ عنده كالحَفْنَةِ. ويقال احتَفْنتُ الشىءَ لنفسى ، إذا أخذتَه ويقال الحُفْنة إنّها الحُفْرة ؛ فإن صحَّ فمحتملٌ
__________________
(١) سبق البيت والكلام عليه فى (مادة بر).
(٢) التكملة من المجمل.