ويقال إن الخَضَارَ البقلُ الأوّل.
فأمّا قوله : «ذهب دمُه خِضْراً» ، إذا طُلّ. فأَحسِبَه من الباب. يقول : ذهب دمُه طرِيَّا كالنَّبات الأخضر ، الذى إذا قُطِع لم يُنتفَع به بعدَ ذلك وبَطَلَ وذَبُل. فأمّا قولهم إنَ الخَضار اللَّبنُ الذى أُكثِر ماؤه ، فصحيحٌ ، وهو من الباب ؛ لأنّه إذا كان كذا غَلَبَ الماءُ ، والماء يسمَّى الأسمر. وقد قلنا إنّهم يسمُّون الأسْوَدَ أخضرَ ، ولذلك يسمَّى البحرُ خُضارة.
باب الخاء والطاء وما يثلثهما
خطف الخاء والطاء والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرِد منقاس ، وهو استلابٌ فى خفّة. فالخَطْف الاستلاب. تقول. خَطِفْتُه أخطَفُه ، وخَطَفْتُه أخطِفُه. وبَرْقٌ خاطفٌ لنور الأبْصار. قال الله تعالى : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ)(١). والشيطان يخِطَف السَّمع ، إذا استرق. قال الله تعالى : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَة َ). ويقال للشيطان : «الخَطّاف» ، وقد جاء هذا الاسم فى الحديث : (٢). وجمل خَيْطَفٌ : سريع المَرّ. وتلك السُّرعة الخَيْطَفى. قال :
* وعَنَقاً باقِى الرَّسيم خَيْطفا (٣) *
وبه سُمِّى الخَطَفى ، والأصل فيه واحد ؛ لأنّ المسرعَ يقلُّ لُبْث قوائمه على الأرض ، فكأنّه قد خَطِفَ الشَّىء. ويقال هو مُخْطَفُ الحَشَا ، إذا كان منطوِىَ
__________________
(١) قراءة فتح الطاء أعلى ، ونسب فى اللسان قراءة الكسر إلى يونس. وانظر تفسير أبى حيان (١ : ٨٩ ـ ٩٠).
(٢) هو حديث على : «نفقتك رياء وسمعة للخطاف».
(٣) البيت لعوف ، جد جرير بن عطية بن عوف ، وبهذا لقب «الحطفى».