فى اليمين ، وهو الخُلْف فيه. فهذا وجه الإثم. وأمّا قولهم فلان يتحنّث من كذا ، فمعناه يتأثّم. والفرق بين أَثِمَ وتَأَثَّم ، أن التأثُّم التنحِّى عن الإثم ، كما يقال حَرج وتحرّج ؛ فحَرِجَ وقع فى الحَرَج ، وتَحَرَّج تنحّى عن الحَرج. وهذا فى كلماتٍ معلومةٍ قياسُها واحد.
ومن ذلك التحنّث وهو التعبّد. ومنه الحديث : «أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتِى غار حراء فيتحنَّث فيه الليالىَ ذوَاتِ العدد».
حنج الحاء والنون والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الميل والاعوجاج. يقال حنَجْت الحبلَ ، إذا فتلْتَه ؛ وهو محنوجٌ. وحنَجت الرجلَ عن الشىءِ : أملتُه عنه. وأَحْنَجَ فلانٌ عن الشىء : عدَل.* فأمّا قولهم للأصل حِنْجٌ فلعلّه من باب الإبدال. وإن كان صحيحاً فقياسُه قياسٌ واحد ؛ لأن كلَّ فرعٍ يميل إلى أصله ويرجع إليه.
حنذ الحاء والنون والذال أصلٌ واحد ، وهو إنضاج الشىء. يقال شِواء حَنِيذ ، أى مُنْضَج ، وذلك أن تحمى الحِجارة وتُوضَعَ عليه حتى ينضَج. ويقال حَنذْت الفرسَ ، إذا استحضرته شوطاً أو شوطين (١) ، ثم ظاهَرْتَ عليه الْجِلالَ حتى يعرَق. وهذا فرسٌ محنود وحنيذ. وأما قولهم حَنَذٌ ، فهو بلد. قال :
تأبَّرِى يا حيْرَةَ النخيل |
|
تأبَّرى من حَنَذٍ فَشُولى (٢) |
ويقولون : «إذا سقيتَ فاحْنِذْ (٣)» أى أقِلَّ الماءَ وأكثِرِ النبيذَ. وهو من
__________________
(١) استحضر الفرس : أعداه. واحتضر الفرس ، إذا عدها.
(٢) الرجز فى المجمل واللسان (حنذ). وهو لأحجة بن الجلاح ، كما فى معجم البلدان.
(٣) يقال : يوصل الألف وقطعها.