البَحِيرة ، وكانت العرب تفعل ذلك بها إذا نُتِجَتْ عشرةَ أبطُنٍ ، فلا تُركب ولا يُنتفع بظهرها ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك ، وقال : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ). وأمّا الدّمُ الباحر والبَحْرَانىُ فقال قوم : هو الشَّديد الحُمْرَةِ. والأصحُّ فى ذلك قولُ عبد الله بن مسلم (١) : أنّ الدَّمَ البَحْرانىَ منسوبٌ إلى البَحْر. قال : والبَحْرُ عُمْق الرَّحم ، فقد عاد الأمر إلى الباب الأوّل. وقال الخليل : رجُل بَحْرَانىٌ منسوبٌ إِلى البَحْرَيْن ، وقالوا بحرانىٌ فرقاً بينه وبين المنسوب إِلى البحر. ومن هذا الباب قولهم : «لَقِيتُهُ صَحْرَةَ بَحْرَةَ (٢)» أى مُشَافَهَةً. وأما قولُ ذِى الرُّمّة :
بأرضٍ هِجانِ التّرْبِ وَسْمِيَة الثَّرَى |
|
عَذَاةٍ نأَتْ عنها الملوحةُ والبَحْرُ (٣) |
فإنَّه يعنى كلَّ ماءِ مِلْحٍ. والبَحْر هو الريف.
بحن الباء والحاء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الضِّخَم ، يقال جُلةٌ بَحْوَنةٌ ، أى ضَخْمة. وقال الأصمعىّ : يقول العربُ للغَرْبِ إذا كان عظيماً كثير الأخْذِ : إنّه لَبَحْوَن ، على مثال جَدْوَل.
بحت الباء والحاء والتاء ، يدلُّ على خُلوص الشئ وألّا يخلِطَه غيرُه. قال الخليل : البَحْت الشئ الخالص ، ومِسْك بَحْت. ولا يصغّر ولا يثنّى قال العامرىّ : باحَتَنى الأمرَ ، أى جاهَرَنى به وبيَّنَهُ ولم يُخفِه علىَّ. قال الأصمعىّ :
__________________
(١) هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى ، صاحب أدب الكاتب.
(٢) فى اللسان (٦ : ١١٤): «قيل لم يجريا لأنهما اسمان جعلا اسماً واحداً». يريد لم يصرفا للتركيب.
(٣) هجان الترب : بيضاء التراب. وفى الأصل : «هيجان». والعذاة ، بفتح العين : الطيبة التربة. وفى الأصل : «غداة». والبيت فى ديوان ذى الرمة ٢١١.