فأمّا آفاق السماء فما انتهى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها ، وهو الحدُّ بين ما بَطَن من الفَلَك وبين ما ظَهَر من الأرض ، قال الراجز :
* قبلَ دُنُوِّ الأُفْق من جَوْزائِه*
يريد : قبل طلوع الجوزاء ؛ لأنَّ الطلوع والغُروب هما على الأفق. وقال يصف الشمس :
* فهى على الأُفْقِ كَعينِ الأحولِ (١) *
وقال آخر :
حتى إذا منظر الغربىِّ حارَ دَماً |
|
من حُمرة الشَّمسِ لمّا اغتالَها الأُفُقُ (٢) |
واغتيالُه إيّاها تغييبه لها. قال : وأما آفاق الأرض فأطرافها من حيث أحاطت بك. قال الراجز (٣) :
تكفيك من بعض ازديارِ الآفاقْ (٤) |
|
سَمْراءُ ممَّا دَرَس ابنُ مِخْراق (٥) |
ويقال للرّجُل إذا كان من أُفُقٍ من الآفاق أُفُقِىٌ وأَفَقِىٌ ، وكذلك الكوكب إذا كان قريباً مجراه من الأفق لا يكبِّد السماء (٦) ، فهو أُفُقِىٌ وأَفَقِىٌ.
__________________
(١) البيت من أرجوزة لأبى النجم يقال إنها أجود أرجوزة للعرب ، قالها يمدح بها هشام ابن عبد الملك. انظر الشعراء لابن قتيبة فى ترجمة أبى النجم. وفى الأصل : «فهو» تحريف.
(٢) فى الأزمنة والأمكنة (٢ : ٨) :حتى إذا المنظر الغربى.
(٣) هو ابن ميادة ، كما فى اللسان (٦ : ٤٢ / ٧ : ٣٨٢). وانظر الرجز فى الأزمنة والأمكنة (٢ : ٨).
(٤) الازديار : الزيارة. ويروى بدله : هلا اشتريت حنطة بالرستاق.
(٥) السمراء ، يعنى بها الحنطة. وقيل السمراء هنا ناقة أدماء ، فتكون «درس» معها بمعنى راض. والصواب فى تفسيره الوجه الأول ليلتئم مع الرواية التى أشرت إليها.
(٦) يقال كد النجم السماء تكبيدا : توسطها.