وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ هَذَا الْمَعْنَى مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ ـ كَمَا فِي الْفَصْلِ: (٢١) مِنْ خَصَائِصِ الْوَحْيِ الْمُبِينِ صلي الله عليه وآله وسلم ١٣١ وَالْحَدِيثِ ٧٧ مِنْ كِتَابِ النُّورِ الْمُشْتَعِلِ صلي الله عليه وآله وسلم ٢٧٧ قَالَ:
وَفِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ مَيْسَرَةَ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: عَنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ لَا نُقَاسُ [بِالنَّاسِ].
فَقَامَ رَجُلٌ فَأَتَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ [فَذَكَرَ لَهُ مَا سَمِعَهُ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَدَقَ عَلِيٌّ أَوَلَيْسَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عَلِيٍّ: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضاً مَا رَوَاهُ السُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِ اللَّئَالِي: ج ١ ـ ١٩٨ ، ط ١ ، بِطُرُقٍ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَرَوَى بَعْضَهَا أَيْضاً تَحْتَ الرقم: (٣٦١) مِنْ بَابِ فَضَائِلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كَنْزِ الْعُمَّالِ: ج ١٥ ـ ١٢٥ ، ط ٢ ـ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ الْعَاصِ أَنَّهُمَا سَأَلَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ: قَالا: ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ. فَقَالَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا بَالَ عَلِيٍّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَداً يُسْأَلُ عَنْ نَفْسِهِ.
أَقُولُ: مُرَادُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنَ الْبَدِيهِيَّاتِ الْأَوَّلِيَّةِ أَنَّ نَفْسَ الْإِنْسَانِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَلَا يَنْبَغِي لِذِي شُعُورٍ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا ، وَالَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى السُّؤَالِ عَنْهُ هُوَ غَيْرُ النَّفْسِ مِمَّا هُوَ مُبَايِنٌ لَهَا ، فَهَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.
وَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِلَفْظِهِ ، كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ أَنَّ ابْنَ الْعَاصِ وَأُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي أَيَّامِ ثَوْرَةِ النَّاسِ عَلَى عُثْمَانَ وَحِصَارِهِ تَبْكِيتاً لَهُ بِأَنَّهُ خِلْوٌ عَنِ الْفَضَائِلِ وَتَشْجِيعاً لِلنَّاسِ عَلَى خَلْعِهِ عَنِ الْخِلَافَةِ أَوْ قَتْلِهِ كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهَا الْمَرْوِيِّ عَنْهَا فِي أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ: ج ٥ صلي الله عليه وآله وسلم ٧٥ وَغَيْرِهِ ـ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَمَرْوَانَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِيَّاكَ أَنْ تَرُدَّ النَّاسَ عَنْ هَذِهِ الطَّاغِيَةِ. وَقَوْلِهَا لِمَرْوَانَ: وَدِدْتُ وَاللهِ أَنَّهُ فِي غِرَارَةٍ مِنْ غَرَائِرِي حَتَّى أُلْقِيَهُ فِي الْبَحْرِ ـ وَقَوْلِ ابْنِ الْعَاصِ: وَاللهِ إِنِّي كُنْتُ لَأُلَاقِي الرَّاعِيَ فَأُحَرِّضُهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ وَالْمَسَاوِي: وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الْأَمِيرَ أَلَا أُحَدِّثُكَ بِفَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ إِذْ قَالَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ وَسَطِ الْحَلْقَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَنْ أَفْضَلُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ ـ وَعَدَّ الْعَشَرَةَ مَا عَدَا عَلِيّاً فَقُلْتُ: فَأَيْنَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا هَذَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ: بَلْ عَنْ أَصْحَابِهِ. فَقَالَ: [إِنَّ عَلِيّاً نَفْسُ رَسُولِ اللهِ] إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) فَكَيْفَ يَكُونُ أَصْحَابُهُ مِثْلَ نَفْسِهِ!!!
هَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعِصَامِيُّ فِي تَرْجَمَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كِتَابِ سِمْطِ النُّجُومِ: ج ٢ صلي الله عليه وآله وسلم ٤٦١.