ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وآله وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيتَ عَلَى فِرَاشِهِ وَيَتَّشِحَ بِبُرْدٍ لَهُ أَخْضَرَ ـ فَفَعَلَ [عَلِيٌّ ذَلِكَ].
ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وآله وسلم عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ ـ فَخَرَجَ [وَ] مَعَهُ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ (١) فَجَعَلَ يَنْثُرُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ ـ وَأَخَذَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ رُؤْيَةِ نَبِيِّهِ (٢) [وَ] هُوَ يَقْرَأُ : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) إِلَى قَوْلِهِ : (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ).
فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ أَذِنَ اللهُ لَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ آخِرُ مَنْ قَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنَ النَّاسِ ـ فِيمَنْ لَمْ يُفْتَنْ فِي دِينِهِ ـ أَوْ [لَمْ] يُحْبَسْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَخَّرَهُ بِمَكَّةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَجَّلَهُ ثَلَاثاً ـ وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَفَعَلَ ـ ثُمَّ لَحِقَ بِرَسُولِ اللهِ صلي الله عليه وآله وسلم وَاطْمَأَنَّ النَّاسُ ـ وَنَزَلُوا إِلَى أَرْضِ أَمْنٍ مَعَ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ.
ـ [وأيضا] أخبرناه محمد ، وأحمد ، قالا : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق بذلك.
__________________
(١) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، وَفِي أَصْلَيَّ كِلَيْهِمَا : «فَخَرَجَ مَعَهُ بِحَفْنَةٍ مِنْ تُرَابٍ». وَالْحَفْنَةُ ـ كَحَرْبَةٍ : مِلْءُ الْكَفِّ أَوِ الْكَفَّيْنِ.
(٢) كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْيَمَنِيَّةِ ، وَفِي النُّسْخَةِ الْكِرْمَانِيَّةِ : «فَجَعَلَ يُثِيرُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ ... بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ نَبِيِّهِ ...».