الرافعة لموضوع
حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية.
والمتحصّل : أنّ
الوجوب الواقعي الموجود في البين لا يوجب إلّا الإتيان بأحد الطرفين ، ولا يصحِّح
العقاب إلّا على ترك الجامع رأساً باعتبار وصوله وصولاً إجمالياً. وأمّا الإباحة
الظاهرية في كلٍّ من الطرفين بالخصوص ـ اللذَين أحدهما هو الواجب الواقعي ـ فهي لا
تقتضي إلّا عدم العقاب على ترك كلٍّ من الفعلين بالخصوص ، ولا توجب المعذورية في
ترك الجامع رأساً ، فهي لا تزيد في أثرها على البراءة العقلية.
جريان الاستصحاب في جميع الأطراف :
وأمّا
الثالث ـ وهو الاستصحاب ـ فقد ظهر الكلام فيه ممّا مضى ، فإنّ
العلم الإجمالي ، بالإلزام بعد أن كان لا يوجب إلّا لزوم الإتيان بأحد الفعلين
عقلاً واستحقاق العقاب على ترك الجامع بينهما رأساً فلا يكون منافياً لجريان
استصحاب عدم الوجوب في كلٍّ من الطرفين ؛ لأنّ التعبّد الاستصحابي بعدم الوجوب في
كلٍّ منهما إنّما يقتضي جواز تركه ، لا جواز ترك الجامع رأساً ، وجواز الجمع في
الترك ، وإلّا لكانت الإباحات الواقعية المطلقة المتعلقة بأفراد الواجب الشرعي
مقتضيةً للترخيص في ترك الواجب ، كما عرفت مفصّلاً.
وبالجملة : الثابت
بالعلم الإجمالي أنّ ترك الجامع بين الفعلين سبب وعلّة لاستحقاق العقاب عقلاً ،
والمؤمِّن الشرعي في جانب صلاة الجمعة ـ مثلاً ، سواء كان براءةً أو استصحاباً ـ
إنّما يوجب التأمين بمعنى عدم كون ترك صلاة الجمعة موجباً لاستحقاق العقاب : إمّا
لحلّيتها كما هو مقتضى أصالة البراءة ، أو للتعبّد بإحراز عدم وجوبها كما هو مقتضى
الاستصحاب ، فالذي يثبت بالمؤمِّن