وثانيهما : اقتضاء
تكويني لمن يتعلّق له غرض شخصي في امتثال التكليف. فإنّ هذا إذا علم بتكليفٍ جرى
على طبق علمه قهراً تحصيلاً لمرامه ، كمن يريد الماء فإنّه عند إحرازه لوجوده يجري
على طبقه ، ولا نتصور له اقتضاءً آخر ، وحينئذٍ فإن اريد أنّ الترخيص في المخالفة
القطعية ينافي الإلزام الواصل من حيث اقتضائه الأول فهو معنى لزوم الترخيص في
المعصية. وإن اريد أنّه ينافيه من حيث الاقتضاء الثاني ففيه : أنّ غاية ما يلزم من
الترخيص حينئذٍ ـ إذا قطعنا النظر عن الاقتضاء الأوّل ـ هو الترخيص في فعلٍ يكون
موافقاً لغرض المكلّف ، ولا محذور فيه أصلاً.
وأمّا التضادّ بين
الترخيص والإلزام الواصل بحسب وجوديهما الواقعيّين ، أو باعتبار ملاكاتهما فكلّ
ذلك ممّا فرغ عن إبطاله في جواب شبهة ابن قبّة.
وإذن فتمام
المحذور في الترخيص المزبور هو منافاته لحكم العقل بقبح المخالفة القطعية ، ولزوم
كونه ترخيصاً في المعصية.
ومما ذكرناه ظهر
الحال في ترخيص غير المولى لما ألزم به.
٢ ـ وجوب الموافقة
القطعية :
وأمّا المرحلة
الثانية ـ أعني وجوب الموافقة القطعية ـ فالتحقيق فيه عدم اقتضاء العلم الإجمالي
لهذه المرتبة من التنجيز ـ فضلاً عن العلّية ـ على جميع المسالك المزبورة في تصوير
العلم الإجمالي.
وذلك لأنّ وجوب
الموافقة القطعية فرع سريان التنجّز إلى الواقع الموجود في البين ، بحيث يصير
العلم الإجمالي سبباً لحكم العقل بوجوب امتثال ذلك الواقع وصحّة العقاب على
مخالفته ، ولمّا كان كلّ طرفٍ يحتمل أن يكون هو ذلك الواقع فيكون احتمال التكليف
في كلّ طرفٍ احتمالاً للتكليف المنجّز ، فتجب