بتنجّزه ، والموجب
للانحلال ، إنما هو السبق بالتنجّز.
وتوهّم أنّ العلم
الأول يخرج من حين حدوث العلم الثاني بالمعلوم السابق عن كونه علماً بالنجاسة
الحادثة ، والتكليف على كلّ تقدير مدفوع : بأنّه إن اريد أنّه حين العلم الثاني
ينكشف أنّ أحد طرفي العلم الأول منجّز سابقاً فيستحيل تنجّزه به فهو بديهي البطلان
؛ لِمَا عرفت من أنّ العلم الثاني لا يكون سبباً في ثبوت تنجّز معلومه السابق من
حينه وفي ظرفه ، وإنّما يوجب تنجّز المعلوم السابق من الآن.
وإن اريد أنّه وإن
لم يكن أحد طرفي العلم الإجمالي الأول منجّزاً سابقاً إلّا أنّه ينكشف أنّ المعلوم
بالعلم الأول ليس نجاسةً حادثةً بحسب الواقع على كلّ تقدير ؛ لاحتمال انطباقه على
نفس المعلوم بالعلم الثاني ، فهو أوضح بطلاناً ، إذ خصوصية الحدوث والبقاء لا دخل
لها في باب المنجّزية ، ولا يختصّ الحدوث بقابلية التنجّز ، فإذا علم إجمالاً بنجاسة
الإناء الأبيض أو الأصفر عند الزوال ، ثمّ علم بنجاسة الأبيض أو الثوب منذ الفجر
فالعلم الثاني لا يوجب كون نجاسة الإناء الأبيض منجّزةً في مرحلةٍ سابقةٍ على حدوث
العلم الأول ، وغاية ما يوجبه أن لا تكون النجاسة المعلومة بالعلم الأول نجاسةً
حادثةً على كلّ تقدير ، إذ على تقدير انطباق كلا المعلومين على الإناء الأبيض لا
تكون النجاسة المعلومة بالعلم الأول نجاسةً حادثة ، بل بقاءً للنجاسة الثابتة من
حين الفجر ، إلّا أنّه ليس من شرائط تنجّز التكليف بالعلم الإجمالي أن يكون حادثاً
، وأن لا يكون بقاءً لشيءٍ آخر واقعاً ؛ لوضوح أنّ بقاء النجاسة والتكليف قابل
للتنجّز كحدوثهما ، وإنّما شرط تنجّزه بالعلم الإجمالي أن لا يكون منجّزاً سابقاً
، وهذا حاصل في المقام.
ويرد عليه ثانياً
: أنّنا لو سلَّمنا كون سبق أحد المعلومين موجباً لانحلال العلم الإجمالي بالمعلوم
المتأخّر وإن كان نفس العلم سابقاً إلّا أنّ المقام ليس