العلم الثاني بلا مرجِّح.
والحاصل : أنّ المخرج للعلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو الطرف عن قابلية التنجيز ، إنّما هو تنجّز الطرف وصحة العقاب عليه من غير جهته ، فإنّه حينئذٍ لا يكون منجِّزاً ولا مصحِّحاً للعقاب ، وفي المقام لا وجه للالتزام بثبوت تنجّز العلم الأول دون العلم الثاني حتى يُدّعى سقوط العلم الثاني عن التنجيز ؛ لأنّ التنجّز الأول ليس في مرتبةٍ سابقةٍ على تنجّز الثاني ليقال : إنّه يثبت في المرتبة السابقة ولا يبقى مجالاً لتنجّز العلم الثاني في المرتبة المتأخّرة ، بل هو في عرضه ، فلا موجب للالتزام بثبوت أحد التنجّزين وجعله مانعاً عن التنجّز الآخر.
وتوهمّ أنّ سبق علّة أحد التنجّزين على علّة الآخر يوجب سبقه على التنجّز الآخر مدفوع : بأنّ كون العلم الإجمالي الأول سابقاً بالعلّية على العلم الإجمالي الثاني لا يوجب أن يكون أثره سابقاً بالرتبة على أثره ، كما هو المحقَّق في محلّه ، فالتنجّزان في عرضٍ واحد ، وليس بينهما سبق رتبي ، فيستحيل مانعية أحدهما عن ثبوت الآخر. وأمّا مجرّد وقوع الطرف طرفاً لعلمٍ إجماليٍّ في المرتبة السابقة على العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو الطرف فلا يمنع عن تنجيزه ، إذ المانع عن التنجيز إنّما هو تنجّزه السابق الموجب لعدم تحمّله لتنجّزٍ آخر ، كما هو واضح ، لا مجرّد طرفيته لعلمٍ إجماليٍّ في المرتبة السابقة.
الوجه الرابع : وهو شامل لصورة تقارن العلمين ، وصورة تقدم أحدهما على الآخر ، وبيانه كما أفاده المحقّق النائيني قدسسره على ما في فوائد المحقّق الكاظمي الخراساني (١) : أنّ العلم الإجمالي بوجوب الاجتناب عن أحد الشيئين إنّما يقتضي الاجتناب عنهما إذا لم يحدث ما يقتضي سبق التكليف بالاجتناب عن أحدهما ،
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٥