وقد بنيت المسألة
على القول بالسراية بمعنى التوسّع والانبساط ، وعدمه. فعلى الأول نجاسة الملاقي هي
بنفسها نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ التي تنجّزت بالعلم الإجمالي ، فلا تكون مجرىً
للأصل المؤمِّن ، بخلافه على الثاني.
والتحقيق : أنّ
السراية بمعنى انبساط النجاسة وتوسّعها أمر مستحيل ، بناءً على الصحيح من أنّ
النجاسة حكم شرعيّ واعتبار مولوي فإنّ الاعتبار يتشخّص بمتعلّقه ، ولا يعقل توسّع
متعلّقه ولا تضيّقه ، إذ هو خلاف تشخّصه في افق الاعتبار بأطرافه ومشخّصاته.
فما ذكره المحقّق
العراقي قدسسره وغيره من : أنّ نجاسة الملاقي يمكن أن تكون لمحض التعبّد الشرعي
، ويمكن أن تكون من جهة السراية بمعنى الاكتساب ، بأن تكون نجاسة الملاقي ناشئةً
عن نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ ومسبّبةً عنها نشوء حركة المفتاح من حركة اليد ،
ويمكن أن تكون نجاسته من السراية بمعنى الانبساط ، بأن تكون الملاقاة منشأً
لاتّساع دائرة نجاسة الملاقى وانبساطها الى الملاقي ، بحيث تكون نجاسته عين نجاسته
، ممنوع ؛ لأنّ نفس النجاسة لا يتصور فيها السريان والاتّساع ؛ لكونها اعتبارية.
ومنه يظهر الإشكال
في السراية بمعنى إيجاب الملاقاة لعلّية نجاسةٍ لنجاسة ، كما اختاره ، فإنّ
العلّية والاكتساب لا يتصور في الامور الاعتبارية القائمة كلّها بالمعتبر قيام
الفعل بفاعله ، أو المعلول بعلّته. نعم ، كون نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ معدّةً
لصدور اعتبارٍ آخر من المعتبر بنحوٍ من معاني الإعداد أمر معقول. وبعد عدم معقولية
السراية بكلا معنييها لا حاجة إلى التكلّم في مقام الإثبات.
__________________