احترازيا ، وإنما هو مجرد إيضاح لنوعي المركب ، فكان يحسن إدراجه في شرح التعريف كما فعل الحريري في تعريفه المتقدم ، ولعله لأجل ذلك عمد ابن معطي (ت ٦٦٨ ه) إلى إجراء بعض التعديل على الحد ، فقال : (الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع) (٢٤).
ومراده بالوضع (أن يدل [اللفظ] على معنى عينه الواضع بإزائه) (٢٥).
وتشير بعض المصادر إلى أن أول من أدخل قيد (الوضع) في حد الكلام هو أبو موسى الجزولي (ت ٦٠٧ ه) (٢٦) ، وتابعه على ذلك تلميذه ابن معطي والشلوبيني وابن عصفور.
ولم ير بعض النحاة ضرورة لإثبات قيد (الوضع) ، (لأن الصحيح اختصاصه بالمفردات ، والكلام خاص بالمركبات ، ودلالتها غير وضعية على الأصح) (٢٧) ، بل قد يقال بعدم الاحتياج له حتى لو كانت دلالة المركبات بالوضع ، لأنه ليس ذاتيا للكلام ليدخل في حده ، ولأنه ليس قيدا احترازيا عن شئ ما دام الكلام على اللغة وليست دلالتها إلا بالوضع.
وطرح ابن مالك (ت ٦٧٢ ه) تعريفين للكلام :
أولهما : (الكلام ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته) (٢٨).
ومما قاله السلسيلي في شرحه : (قوله : (مفيدا) احترز به من المتضمن إسنادا ، لكنه غير مفيد ، نحو قولهم : النار حارة والسماء فوق الأرض ، قوله :
__________________
(٢٤) الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي ، ص ١٤٩.
(٢٥) حاشية الشيخ ياسين على شرح التصريح ١ / ٢٠.
(٢٦) المحصول ١ / ب ، شرح الفصول ١ / أنقلا عن مقدمة محقق كتاب الفصول الخمسون ، ص ١١٣.
(٢٧) شرح الأزهرية في علم العربية ، خالد الأزهري ، ص ١٥.
(٢٨) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات ، ص ٣.