هذا والمختلف فيه والمتقلد له : إبراهيم ومنصور بن المهدي.
ذكر العهد الذي كتبه المأمون بخطه لعلي بن موسى الرضي عليهماالسلام
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب كتبه عبد الله بن هارون الرشيد أمير المؤمنين بيده لعلي بن موسى بن جعفر ولي عهده.
أما بعد : فإن الله اصطفى الإسلام دينا ، واصطفى له عباده رسلا دالين عليه ، وهادين إليه ، يبشر أولهم بآخرهم ، ويصدق تاليهم ماضيهم ، حتى انتهت نبوة الله تعالى إلى محمد صلىاللهعليهوسلم على فترة من الرسل ، ودروس من العلم ، وانقطاع من الوحي ، واقتراب من الساعة ، فختم الله به النبيين ، وجعله شاهدا لهم ، ومهيمنا عليهم ، وأنزل عليه كتابه العزيز الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) بما أحل وحرّم ، ووعد وأوعد ، وحذر وأنذر ، ليكون له الحجة البالغة على خلقه (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ). فبلّغ عن الله رسالته ، ودعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن ، ثم الجهاد والغلظة حتى قبضه الله إليه ، واختار له ما عنده صلىاللهعليهوسلم ، فلما انقضت النبوة ، وختم الله بمحمد الوحي والرسالة ، جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين بالخلافة ، وإتمامها وعزها ، والقيام بحق الله فيها بالطاعة التي بها تقام فرائض الله وحدوده وشرائع الإسلام وسننه ، ويجاهد بها عدوه ، فعلى خلفاء الله طاعته فيما استخلفهم ، واسترعاهم من أمر دينه وعباده ، وعلى المسلمين طاعة خلفائهم ومعاونتهم على إقامة حق الله وعدله ، وأمن السبل ، وحقن الدماء ، وإصلاح ذات البين ، وجمع الألفة ، وفي خلاف ذلك اضطراب أمر المسلمين ، واختلاف ملتهم ، وقهر دينهم ، واستعلاء عدوهم ، وتفرق الكلمة ، وخسران الدنيا والآخرة ، فحق على من استخلفه في أرضه ، وائتمنه على خلقه أن يجهد لله نفسه ، ويؤثر على ما فيه رضى الله وطاعته ، ويعمل لما الله واقفه عليه ، وسائله عنه ، ويحكم بالحق ، ويعمل بالعدل فيما حمله الله وقلّده ، فإن