لقد أراد الله أن يقطع حجة القائلين بعدم وجود الرأس بالقاهرة ، وأن يسمهم على الخرطوم ، فقد عثر الباحثون بالمتحف البريطاني بلندن من سنوات [أشرنا إليها بالمسلم في حينها] على نسخة خطية محفوظة من «تاريخ آمد» لابن الأورق المتوفى عام (٥٧٢ ه) وهي مكتوبة عام (٥٦٠ ه) ـ أي قبل وفاة المؤرخ باثنتي عشرة سنة ـ ومسجلة بالمتحف المذكور تحت رقم (٥٨٠٣) شرقيات ، وقد أثبت صاحب هذا التاريخ بالطريق اليقيني أن رأس الحسين قد نقل من عسقلان إلى مصر عام (٥٤٩ ه) ، أي في عهد المؤرخ ، وتحت سمعه وبصره ، وبوجوده ، ومشاركته ضمن جمهور مصر العظيم في استقبال الرأس الشريف.
ولا نظن أن مخلوقا يتمتع بذرة من الإنصاف يماري في وجود الرأس الشريف بمصر بعد ذلك ، أو يماري في أن ظهور هذه النسخة الخطية من هذا الكتاب في هذا الوقت إنما هو كرامة لأهل البيت جميعا ، وللحسين بخاصة ، ولو علم (ابن تيمية) وهو خصم الحسين الأخصم بذلك لتاب إلى الله من قوله أنها (رأس يهودي بمصر) ، سامحه الله ، وبصر السائرين على منهجه ، بما هو أهدى وأندى وأجدى.
الدليل الثاني :
معروف أن الدولة الفاطمية بمصر كانت محل تناظر وتنافس بالغ ومخاصمة مع الدولة العباسية بالعراق ، وكانت كل دولة منها تتسقط للأخرى مواقع الزلل ، ومواطن الأخطاء للتشهير بها ، وأضعاف مركزها ، وبخاصة في مثل هذه الموضوعات التي يتأثر بها الجماهير ، مهما كان الخلاف بينهم في أبناء علي ، وأبناء العباس فكان صمت العباسين وغيرهم دولة وشعبا ، على هذا الحدث الخطير أكبر دليل على صحة وجود الرأس بعسقلان ، ثم على صحة نقلها من عسقلان إلى مصر. وقد غاب هذا الدليل عن المتحدثين على كثرتهم في هذا الجانب رغم أنه قاطع حاسم.
خامسا : شهود عدول مع وجود الرأس الشريف بالقاهرة :
نقل في أواخر (بحر الأنساب) ما ملخصه (بتصرف) أن العلامة الشبراويّ ألف