فمنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة ٣٥٤ ه في «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» (ص ٥٦٠ ط مؤسسة الكتب الثقافية دار الفكر بيروت) قال :
ثم أنفذ عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن علي إلى الشام مع أسارى النساء والصبيان من أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أقتاب مكشفات الوجوه والشعور ، فكانوا إذا نزلوا منزلا أخرجوا الرأس من الصندوق وجعلوه في رمح وحرسوه إلى وقت الرحيل ، ثم أعيد الرأس إلى الصندوق ورحلوا ؛ فبينا هم كذلك إذ نزلوا بعض المنازل وإذا فيه دير راهب ، فأخرجوا الرأس على عادتهم وجعلوه في الرمح وأسندوا الرمح إلى الدير ، فرأى الديراني بالليل نورا ساطعا من ديره إلى السماء ، فأشرف على القوم وقال لهم : من أنتم؟ قالوا : نحن أهل الشام ، قال : هذا رأس من هو؟ قالوا : رأس الحسين بن علي ، قال : بئس القوم أنتم! والله لو كان لعيسى ولد لأدخلناه أحداقنا! ثم قال : يا قوم! عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من أبي وأبي من أبيه ، فهل لكم أن تعطوني هذا الرأس ليكون عندي الليلة وأعطيكم هذه العشرة آلاف دينار؟ قالوا : بلى ، فأحدر إليهم الدنانير ، فجاءوا بالنقاد ، ووزنت الدنانير ونقدت ، ثم جعلت في جراب وختم عليه ، ثم أدخل الصندوق ، وشالوا إليه الرأس ، فغسله الديراني ووضعه على فخذه وجعل يبكي الليل كله عليه ، فلما أن أسفر عليه الصبح قال : يا رأس! لا أملك إلّا نفسي ، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأن جدك رسول الله ، فأسلم النصراني وصار مولى للحسين ، ثم أحدر الرأس إليهم فأعادوه إلى الصندوق ورحلوا ، فلما قربوا من دمشق قالوا : نحب أن نقسم تلك الدنانير ، لأن يزيد إن رآها أخذها منا ، ففتحوا الصندوق وأخرجوا الجراب بختمه وفتحوه ، فإذا الدنانير كلها قد تحولت خزفا ، وإذا على جانب من الجانبين من السكة مكتوب (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وعلى الجانب الآخر (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ، قالوا : قد افتضحنا والله! ثم رموها في بردي نهر لهم ، فمنهم من