أحمد بن يوسف بن الضحاك الفقيه ، قال : حدثنا عمر بن علي الفلاسي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن سدي ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، قال : حدثني أبو زميل ، قال : حدثني عبد الله بن عباس ، قال : لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار ، وكانوا ستة آلاف ، فقلت لعلي : يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي أكلّم هؤلاء القوم ، فقال : إني أخافهم عليك ، قلت : كلا ، فلبست أحسن ما يكون من اليمنة وترجلت ودخلت عليهم في دار نصف النهار وهم يأكلون ، فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ، فما جاء بك؟ فقلت لهم : أتيتكم من عند أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم والمهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصهره ، وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون ، فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشا فإن الله عزوجل قال : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) فانتحى لي نفر منهم فقالوا : لنكلمه ، فقلت : هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وابن عمه ، قالوا : ثلاثا ، قلت : ما هن؟ قالوا : أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله تعالى ، وقد قال الله عزوجل : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) ما شأن الرجال والحكم؟ قلت : هذه واحدة ، قالوا : وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن كانوا كفارا فقد حلّ سباهم وقتالهم ، ولئن كانوا مؤمنين فما حلّ قتالهم ولا سباهم ، قلت : هذه ثنتان فما الثالثة؟ قالوا : إنه محا نفسه من إمرة المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، قال : قلت : هل عندكم من غير هذا؟ قالوا : حسبنا هذا ، قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوسلم ما يرد قولكم هذا ترجعون؟ قالوا : نعم.
قلت : أما قولكم حكم الرجال في أمر الله تعالى ، فأنا أقرأ عليكم من كتاب الله عزوجل أن قد صير الله عزوجل حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم ، وأمر الله عزوجل الرجال أن يحكموا في أرنب ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا