الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، فنزل القرآن على محمد بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه ، فقال : يا رسول الله أو فتح هو؟ قال : نعم. قال : فطابت نفسه ورجع ، ورجع الناس.
ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفا فأرسل إليهم علي ينشدهم الله فأبوا عليه ، فأتاهم صعصعة بن صوحان فأنشدهم ، وقال : علام تقاتلون خليفتكم؟ قالوا : مخافة الفتنة. قال : فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل. فرجعوا وقالوا : نسير على ما جئنا ، فإن قبل علي القضية قاتلنا على ما قاتلنا يوم صفين ، وإن نقضها قاتلنا معه. فساروا حتى بلغوا النهروان ، فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس ليلا ، قال أصحابهم : ويلكم ما على هذا فارقنا عليا ، فبلغ عليا أمرهم فقام ، فخطب الناس ، فقال : ما ترون؟ أنسير إلى أهل الشام أم نرجع إلى هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم؟ قالوا : بل نرجع إليهم ، فذكر أمرهم فحدّث عنهم بما قال فيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن فرقة تخرج عند اختلاف من الناس يقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق علامتهم رجل منهم يده كثدي المرأة ، فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديدا ، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم.
فقام علي فقال : يا أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون في فو الله ما عندي ما أجزيكم ، وإن كنتم إنما تقاتلون لله ، فلا يكون هذا فعالكم ، فحمل الناس حملة واحدة فانجلت عنهم وهم مكبون على وجوههم ، فقال علي : اطلبوا الرجل فيهم ، فطلب الناس الرجل فلم يجدوه ، حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم. قال : فدمعت عين علي فدعى بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض ، فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم ، فأخبروه فقال علي : الله أكبر وفرح. وفرح الناس ورجعوا ، وقال علي : لا أغزو العام. ورجع إلى الكوفة ، وقتل رحمهالله ، واستخلف حسن ، وسار سيرة أبيه ، ثم بعث بالبيعة إلى معاوية.