بلغ حكيم بن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال : لست أخاف الله إن لم أنصره فجاء في جماعة من عبد القيس ، ومن تبعه من ربيعة ، وتوجه نحو دار الرزق ، وبها طعام أراد عبد الله بن الزبير أن يوزعه على أصحابه. فقال له عبد الله : ما لك يا حكيم؟ قال : نريد أن نرتزق من هذا الطعام ، وأن تخلوا عثمان ، فيقيم في دار الإمارة على ما كتبتم بينكم حتى يقدم علي. وايم الله لو أجد أعوانا عليكم ما رضيت بهذه منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم ، ولقد أصبحتم وإن دماءكم لنا حلال بمن قتلتم. أما تخافون الله؟ بم تستحلون الدم الحرام؟ قال : بدم عثمان. قال : فالذين قتلتم قتلوا عثمان؟ أما تخافون مقت الله؟
فقال له عبد الله : لا نرزقكم من هذا الطعام ولا نخلي سبيل عثمان حتى تخلع عليّا ، فقال حكيم : اللهم إنك حكم عدل فاشهد ، وقال لأصحابه : لست في شك من قتال هؤلاء القوم ، فمن كان في شك فلينصرف. وتقدم فقاتلهم فقال طلحة والزبير : الحمد لله الذي جمع لنا ثأرنا من أهل البصرة. اللهم لا تبق منهم أحدا.
فاقتتلوا قتالا شديدا ، ومع حكيم أربعة قوّاد ، فكان حكيم بحيال طلحة ، وذريح بحيال الزبير ، وابن المحرّش بحيال عبد الرحمن بن عتاب ، وحرقوص بن زهير بحيال عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
فزحف طلحة لحكيم وهو في ثلاثمائة ، وجعل حكيم يضرب بالسيف ويقول :
أضربهم باليابس |
|
ضرب غلام عابس |
من الحياة آيس |
|
في الغرفات نافس |
فضرب رجل رجله فقطعها فحبا حتى أخذها فرمى بها صاحبه فصرعه وأتاه فقتله ثم اتكأ عليه وقال :
يا ساقي لن تراعي |
|
إن معي ذراعي |
أحمى بها كراعي |
وقال :
ليس عليّ أن أموت عار |
|
والعار في الناس هو الفرار |