اختلاف أهل البصرة بشأن عائشة :
عاد عمران بن حصين وأبو الأسود الدؤلي إلى عثمان بن حنيف وأخبراه بما سمعا من عائشة وطلحة والزبير رضياللهعنهم ، وكان عثمان قد ولاه علي البصرة ، فاستشار عمران فقال له : اعتزل فإني قاعد. قال عثمان : بل أمنعهم حتى يأتي أمير المؤمنين ، وانصرف عمران إلى بيته ، وقام عثمان في أمره.
فأتاه هشام بن عامر فقال : إن هذا الأمر الذي تريده يسلم إلى شر مما تكره ، إن هذا فتق لا يرتق ، وصدع لا يجبر ، فارفق بهم وسامحهم حتى يأتي أمر علي. فأبى ونادى عثمان في الناس ، وأمرهم بلبس السلاح. فاجتمعوا إلى المسجد ، وأمرهم بالتجهز ، وأمر رجلا اسمه قيس بن العقدية الحميسي أن يندس ليرى رأى الناس فقال : أيها الناس أنا قيس بن العقدية الحميسي ، إن هؤلاء القوم إن كانوا جاءوا خائفين فقد أتوا من بلد يأمن فيه الطير ، وإن جاءوا يطلبون بدم عثمان فما نحن بقتلة عثمان فأطيعوني ، وردوهم من حيث جاءوا. فقام الأسود بن سريع السعدي فقال : أو
__________________
وشاربه وأشفار عينيه وحاجبيه وانتهبوا بيت المال.
فلما حضر وقت الصلاة نرى أن طلحة والزبير تنازعا وجذب كل واحد منهما صاحبه حتى فات وقت الصلاة وصاح الناس : الصلاة الصلاة يا أصحاب محمد ، ويذكر ان عائشة اقترحت أن يصلي كل منهما يوما فاصطلحوا على ذلك.
ولما سار علي من المدينة إلى البصرة خرج معه أربعمائة راكب مع أصحاب رسول الله ، فلما صار إلى أرض أسد وطيئ تبعه منهم ستمائة ، ثم صار إلى ذي قار وبقي هناك حتى وافاه ستة آلاف رجل من الكوفة. فسار بهذا الجيش الكبير إلى البصرة. وكان علي يسهل تمييزه بقلنسوته المصرية البيضاء ، أما وصفه فيقول المسعودي : كان أسمر عظيم البطن أصلع أبيض الرأس واللحية أدعج عظيم العينين ليس بالطويل ولا بالقصير تملأ لحيته صدره ولا يغير شيبه. ويكاد أن يتفق جميع الكتّاب بأنه كان عظيم اللحية جدا قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء كأنها قطن ، ولا شك أنه كان قد بلغ من العمر ما يدعو إلى الاحترام ، وكان الناس ينظرون اليه كواحد من أربعة أمر الله رسوله بمحبتهم.