كفاكم الشام معاوية ، فأتوا البصرة فإن لي فيها صنائع ، ولهم في طلحة هوى. قالوا : قبحك الله ، فو الله ما كنت بالمسالم ولا بالمحارب ، فهلا أقمت كما أقام معاوية فنكفي بك ، ثم تأتي الكوفة فنسد على هؤلاء القوم المذاهب؟ فلم يجدوا عنده جوابا مقبولا. فاستقام الرأى على البصرة وقالوا لها : نترك المدينة ، فإنا خرجنا فكان معنا من لا يطيق من بها من الغوغاء ، ونأتي بلدا مضيعا وسيحتجون علينا ببيعة علي فتنهضنهم كما أنهضت أهل مكة ، فإن أصلح الله الأمر كان الذي أردناه ، وإلا دفعنا بجهدنا حتى يقضي الله ما أراد ، فأجابتهم إلى ذلك.
طلحة والزبير يكاتبان عظماء البصرة :
قبل أن تسير عائشة رضياللهعنها إلى البصرة ، قال الزبير لعبد الله بن عامر : من رجال البصرة؟ قال : ثلاثة كلهم سيد مطاع ، كعب بن سور في اليمن والمنذر بن ربيعة في ربيعة والأحنف بن قيس في البصرة.
فكتب طلحة والزبير إلى كعب بن سور : أما بعد ، فإنك قاضي عمر بن الخطاب وشيخ أهل البصرة ، وسيد أهل اليمن ، وقد كنت غضبت لعثمان من الأذى ، فاغضب له من القتل ، والسّلام.
وكتبا إلى الأحنف بن قيس : أما بعد ، فإنك وافد عمر وسيد مضر وحليم أهل العراق ، وقد بلغك مصاب عثمان ، ونحن قادمون عليك ، والعيان أشفى لك من الخبر ، والسّلام.
وكتبا إلى المنذر بن ربيع : أما بعد ، فإن أباك كان رئيسا في الجاهلية ، وسيدا في الإسلام ، وإنك من أبيك بمنزلة المصلى من السابق ، يقال كاد أو لحق ، وقد قتل عثمان من أنت خير منه ، وغضب له من هو خير منك ، والسّلام.
ثلاثة كتب مختصرة تدعوهم إلى الانضمام إلى طلحة والزبير. فلما وصلت كتبهما ، قام زياد بن مضر ، والنعمان بن شوال وعزوان ، فقالوا : ما لنا ولهذا الحي من قريش؟ أيريدون أن يخرجونا من الإسلام بعد أن دخلنا فيه ، ويدخلونا في الشرك