قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل [ ج ٣١ ]

    360/608
    *

    وكان أبو الكلاع من أقوى أصحاب معاوية ، وأشدهم تحرجا ، وأكثرهم سطوة وتأثيرا على أهل الشام.

    كان يحب عليا ، ولكنه خرج يقاتله ، لأن معاوية أقنعه بأن عليا مسئول عن قتل عثمان ، فقد حشد معاوية عددا ممن ينتسبون إلى العلم ، فجعلهم أئمة على المساجد.

    وأجزل لهم العطاء وأغدق عليهم وأقطع لهم الإقطاعات ، وملأ خزائنهم بالذهب والفضة ، وربط مصيرهم بمصيره ، وأقنعهم بأنه هو ولي دم عثمان ، وقد قتل عثمان مظلوما ، فلمعاوية سلطان ، وله الحق في أن يطالب بدمه.

    وإذ هذا النفر يقنعون الآخرين برأي معاوية ، ويتأولون تفسير الآية الكريمة :

    (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً).

    هذا النفر من علماء الشام ، كانوا كما قال الإمام علي عنهم أنهم علماء مرتشون باعوا علمهم ودينهم بزخرف الدنيا ، فهم يعلمون أن ولي الأمر ـ وهو الإمام ـ هو وحده المسئول عن القصاص ، ومع ذلك فقد قالوا وعملوا بغير ما تعلموا وبغير ما علموا ، وكان أبو الكلاع في شك من أمرهم جميعا.

    لقد سمع أن عمار بن ياسر من أمراء جيش علي ، وهو يعلم كما يعلم كل المسلمين أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعمار بن ياسر : تقتلك الفئة الباغية ، فهذا الحديث الشريف لا يجهله أحد ، ولا ينكره أحد في كل بلاد المسلمين ، وفي كل بلاد المسلمين تتواتر أحاديث شريفة فيها ثناء على عمار بن ياسر ، وفيها أن عمار بن ياسر ما خيّر بين شيئين إلا اختار أرشدهما.

    ومضى أبو الكلاع يسأل عمرو بن العاص عن عمار ، وسكت عمرو ، فصاح أبو الكلاع : ويحك ، ما هذا يا عمرو؟ ألم يقل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يلتقي أهل الشام وأهل العراق ، وفي إحدى الكتيبتين الحق وإمام الهدى ، ومعه عمار بن ياسر؟ قال عمرو في ضيق : عمار بن ياسر سيرجع إلينا.