فكثر البكاء وارتفعت الأصوات ، إلى أن قال :
كأن حسينا والبهاليل حوله |
|
لأسيافهم ما يختلي المتقبل |
فلم أر مخذولا أجل مصيبة |
|
وأوجب منه نصرة حين يخذل |
فرفع جعفر الصادق يديه وقال : اللهم اغفر للكميت ما قدم وما أخر ، وما أسر وما أعلن ، وأعطه حتى يرضى. ثم أعطاه ألف دينار وكسوة.
قال الكميت : والله ما أحببتكم للدنيا ، ولو أردتها لأتيت من هي لديه ، ولكني أحببتكم للآخرة ، فأما الثياب التي أصابت أجسامكم فإني أقبلها لبركتها ، أما المال فلا أقبله.
وقال في ص ١٨٦ :
وبالتدوين الفقهي استقر المذهب في صدور الحفظة والنقلة ، من علي إلى بنيه ، فبنيهم وبخاصة زين العابدين وزيد والباقر والصادق. ثم عملت مجالس الإمام الصادق في نشره كمثل عمل التدوين في استقراره ، وأدرك الأئمة الذين تلمذوا له وتلاميذهم أمورا ترفع مجلس الصادق فوق المجالس ، سواء مجالس أهل السنة أو أهل البيت منها :
١ ـ أن الذي يلقى هذا العلم إمام موصى إليه باسمه من أبيه. وبهذا ينماز من عمه زيد بن علي صاحب المذهب الزيدي ومن غيره من الشيعة.
٢ ـ أن هذا الإمام يقف بين العلماء جميعا في مكان خاص. فالسنة عند الشيعة بعد موته تثبت عن طريقه ـ إلا ما ندر ـ فعنه يروى آلاف ، وعنهم جاءت الأحاديث المروية في كتبهم.
٣ ـ أن الآراء الفقهية في أصول الدين وأصول الفقه وفروع المعاملات والعبادات سيراها اللاحقون منسوبة إليه. وربما اقترن به أبوه الباقر ، أو أشير إلى رأي جده السجاد لكن نبع العلم منه هو الأشهر والأكثر.