دمشق على مرضاته ، وتفريق عبد الله عطاءه الجزل في فقراء المدينة ، واستشهاد ابنين له يوم الحرة ، وثالث في كربلاء ، ومع أنه زوج زينب بنت علي ، عمة زين العابدين ، مع هذا كله كان زين العابدين يحتل مكانه في الصدارة ، ويحمل وصفه بجدارة.
وفي ذلك نص يروى عن مالك بن أنس قال : سمي زين العابدين لعبادته.
علمته المحنة والورع الحكمة وحسن الخطاب ، فكان في باكورة حياته على علم عظيم.
قال له يزيد يوم أدخل عليه مريضا مع نساء أهل البيت الناجيات من كربلاء : أبوك الذي قطع رحمي وجهل حقي ونازعني سلطاني فصنع الله به ما قد رأيت. قال زين العابدين : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها).
قال يزيد : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ).
قال زين العابدين : هذا في حق من ظلم لا من ظلم.
تتابع على الكذب ولاة الشام والأمصار من عهد معاوية يشتمون عليا بأمر بني أمية ، فكان يبقى من كذبهم شيء في عقول العامة ، أو الصبية الذين لا يعلمون.
كان عبيد الله بن مسعود من فقهاء المدينة السبعة. وكان معلم عمر بن عبد العزيز وهو صبي أودعه أبوه أخواله ـ بني عدي قوم عمر بن الخطاب ـ بالمدينة. فسمع يوما شتم علي. فقال لعمر : يا بني متى علمت أن الله غضب على أهل بدر؟ قال الصبي : وهل كان علي في بدر؟ قال عبد الله : وهل كانت بدر كلها إلا لعلي!
فلما ولى عمر الخلافة أبطل شتم أهل البيت. ورد إليهم حقوقهم.
وقال رجل من أنصار الأمويين بالشام : دخلت المدينة فرأيت رجلا راكبا على بغلة لم أر أحسن وجها ولا ثوبا ولا سمتا ولا دابة منه. فسألت ، فقيل : هذا علي بن الحسين ابن علي. فأتيته ـ وقد امتلأ قلبي له بغضا ـ فقلت له : أنت ابن علي بن أبي طالب؟ قال : أنا ابن ابنه. فقلت : بك وبأبيك أسب عليا. فلما انقضى كلامي قال : أحسبك غريبا؟ مل بنا إلى الدار فإن احتجت منزلا أنزلناك. أو إلى مال واسيناك. أو إلى حاجة عاوناك على