على الهلكة ، فيجب أن لا يحاسبوا على الإقدام عليها ، أو ينهوا عن الالقاء فيها ، لأن الجاهل بالشئ لا يحاسب عليه ، ولا يكلف بالاجتناب عنه ودفعه.
الأمر الخامس :
أن تسمية الفعل الذي يقدم عليه الفاعل المختار سوء أو هلكة إنما يتبع المفسدة الموجودة في ذلك الفعل ، فإذا خلا الفعل في نظر فاعله عن المفسدة ، أو ترتبت عليها مصلحة أقوى وأهم في نظره من المفسدة ، لم يسم سوء ولا هلكة.
فليس لهذه العناوين واقعا ثابتا حتى يقال : إن ما أقدم عليه الأئمة هو سوء وهلكة ، بل هي أمور نسبية تتبع الأهداف والأغراض والنيات ، بل يراعي في تسميتها الأهم ، فرب نفع في وقت هو ضرر في آخر ، ورب ضرر لشخص هو نفع لآخر.
قال تعالى : (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) الآية (٢١٦) من سورة البقرة (٢).
وقال تعالى : (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) الآية (١٩) من سورة النساء (٤).
هذا في المنظور الدنيوي المادي ، وأما في المنظار الإلهي والمثالي ، وعالم المعنويات ، فالأمر أوضح من أن يذكر أو يكرر.
فهؤلاء الأبطال الذين يقتحمون الأهوال ، ويسجلون البطولات في سبيل أداء واجباتهم الدينية والعقيدية ، أو الوطنية والوجدانية ، أو الشرف إنما يقدمون على ما فيه فخرهم ، مع أنهم يحتضنون (الموت) ويعتنقون (الفناء) لكنه في نظرهم (الحياة) و (البقاء).
كما أن المجتمعات تمجد بأبطالها وتخلد أسماءهم وذكرياتهم ، لكونهم المضحين من أجل الأهداف السامية ، وليس هناك ما يسمي ذلك (هلاكا) أو