الأمر الثاني :
ويظهر من الإجابات المذكورة التي تحاول توجيه مسألة الإقدام على ما ظاهره الخطورة والتهلكة ، هو الموافقة على أصل فكرة علم الأئمة بالغيب ، وعدم إنكار فرضه على السائلين.
ومن المعلوم أن التوجيه إنما يلجأ إليه عندما يكون أصل السؤال مقبولا ، وغير منكر.
وإلا ، فإن الأولى في الجواب هو نفي الأصل وإنكاره وعدم الموافقة على فرض السؤال صحيحا.
وهذا الأمر واضح اشتراطه في المحاورات والمباحثات.
الأمر الثالث :
إن الإمامة إذا ثبتت لأحد ، فلا بد أن تتوافر فيه شروطها الأساسية ، ومن شروطها عند الشيعة الإمامية : العصمة ، وهي تعني الامتناع عن الذنوب والمعاصي بالاختيار ، ومنها العلم بالأحكام الشرعية تفصيلا.
فمن صحت إمامته ، واستجمع شرائطها ، لم يتصور في حقه أن يقدم على محرم كإلقاء النفس في التهلكة ، المنهي عنه في الآية.
وحينئذ لا بد أن يكون ما يصدر منه مشروعا.
فلا يمكن الاستناد إلى (حرمة الالقاء في التهلكة) لنفي علم الغيب عنه ، لأن البحث عن علمه بالغيب إنما يكون بعد قبول إمامته ، وهي تنفي عنه الإقدام على الحرام.
وهذا يعني أن ما يقدم عليه هو حلال مشروع ، سواء علم الغيب أم لم يعلمه!
فلا يمكن نفي علمه بالغيب ، بفرض حرمة الالقاء في التهلكة عليه.