الاعتراض الثاني :
أن الرسول والإمام إذا كان يعلمان الغيب ، فلا بد أن يعرفا ما يضرهما ويسوءهما ، والعقل والشرع يحكمان بوجوب الاجتناب والابتعاد عما يسوء ويضر ، بينما نجد وقوع النبي والإمام في ما أضرهما وآذاهما.
وقد جاء التصريح بهذه الحقيقة على لسان النبي في قوله تعالى : (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ، وما مسني السوء ، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) الآية (١٨٨) من سورة الأعراف (٧) وهي مكية.
ولو كان الأئمة يعلمون الغيب ، لما أقدموا على أعمال أدت إلى قتلهم وموتهم ، وورود السوء عليهم :
كما أقدم أمير المؤمنين على الذهاب إلى المسجد ليلة ضربه ابن ملجم ، فمات من ضربته.
وكما أقدم الحسين عليهالسلام على المسير إلى كربلاء ، حيث قتل وسبيت نساؤه ، وانتهب رحله.
فإن كل ذلك ـ لو كان مع العلم به ـ لكان من أوضح مصاديق الالقاء للنفس في التهلكة ، الذي نهى عنه الله في قوله تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) الآية (١٩٥) من سورة البقرة (٢).
وقد أثير هذا الاعتراض الثاني قديما جدا ، حتى أنا نجده معروضا على الأئمة عليهمالسلام أنفسهم ، ونجده مطروحا في القرون التالية مكررا ، وقد تعددت الإجابات عنه كذلك عبر القرون.
وقد حاولنا في هذا البحث أن نسرد الاعتراض بصيغة المختلفة ، ونذكر الإجابات عنه كذلك.